والصوت الحسن، أو في العقل كمحبة الصالحين، أو كونه محسنًا بجلب نفع أو دفع ضُر، وقد تجتمع الثلاث في واحد كما اجتمعت في رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جمع الله تعالى فيه من جمال الظاهر والباطن، وإحسانه إلى جميع المسلمين بهدايته إياهم إلى الطريق المستقيم والشفاعة فيهم.
قال السنوسي: وجه كون هذه الكراهية موجبة لحصول حلاوة الإيمان أنها نتيجة حصول اليقين، فإن الكفر سبب الخلود في النيران، فالمؤمن يكرهه كما يكره النار لملازمته إياها فصار لقوة اليقين يتخيل أن الدخول في الكفر دخول في النار فكرهه كراهيتها، وإذا فعل هذا في الكفر فعله في سائر المعاصي لمشاركتها له في السببية لاستحقاق النار، وما يفرق به من احتمال العفو مقابل باحتمال عدمه، والعاقل يفر بمجرد احتمال الوقوع في أدنى شيء من المعاطب الدنيوية فكيف باحتمال الوقوع في هول الآخرة وعذابها الذي لا طاقة لمخلوق عليه إن أُريد بالكفر الكفر المقابل لأصل الإيمان، وأما إن أريد به كفر النعم، وعدم القيام بشكرها وهو الظاهر، تناول حينئذ بلفظه جميع المعاصي، والمراد بالعودة في الكفر مطلق الصيرورة والتلبس به، سواء تقدم اتصافه به أم لا، قال النواوي: ومن استعماله فيما لم يتقدم فيه الاتصاف قوله تعالى {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} ويحتمل أن تكون الآية من باب التغليب، وأن الخطاب للرُسُل مع أممهم الذين تقدم لهم الاتصاف بالكفر.
قال الطيبي: إنما كانت الثلاث عنوان كمال الإيمان، والمحصل تلك اللذة لأنه لا يتم إيمان إلا مع تيقن أن المنعم القادر هو الله سبحانه، لا مانح ولا مانع سواه، وذلك يوجب صرف القلب إليه بالمحبة والتوكل، والجوارح بالطاعة والموافقة، وغيره تعالى وسائط عادية، وأن العطوف الساعي في المصالح والمنافع حقًّا هو الرسول صلى الله عليه وسلم فيتوجه بالسر إليه، ولا يحب ما يحبه إلا لكونه وسطًا بينه وبين ربه جل وعلا، ويتيقن وعده ووعيده بحيث يكون وعده ووعيده عنده كالحاصل، فيحسب مجالس الذكر رياض الجنة، وأكل مال اليتيم أكل النار، والعود في الكفر إلقاء فيها فيكرهه انتهى بالمعنى.
وحديث أنس هذا شارك المؤلف في روايته أحمد (٣/ ١٠٣ و ١٧٤ و ٢٣٠) والبخاري (١٦) والترمذي (٢٦٢٦) والنسائي (٨/ ٩٦) وابن ماجه (٤٠٣٣).