عفان ولكنه واه لأنه من رواية حصين بن عمر الأحمسيِّ، قال البخاري فيه: منكر الحديث، وإذا حصل هذا بين المؤمنين حصلت منه الألفة الموجبة للتعاون على البر والتقوى والمودة في الدين والدنيا، والمحبة لله والبغض فيه من واجبات الإسلام، وهو قول مالك وغيره من أهل العلم انتهى.
وقال القرطبي: قوله (وأن يحب المرء) إلخ يعني بالمرء هنا المسلم المؤمن لأنه هو الذي يمكن أن يخلص لله تعالى في محبته، وأن يتقرب إلى الله تعالى باحترامه وحرمته، فإنه هو الموصوف بالأخوة الإيمانية، والمحبة الدينية، كما قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠] وكما قال تعالى {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}[آل عمران: ١٠٣].
وقد أفاد هذا الحديث أن محبة المؤمن الموصلة لحلاوة الإيمان لا بد أن تكون خالصة لله تعالى غير مشوبة بالأغراض الدنيوية، ولا بالحظوظ البشرية، فإن من أحبه لذلك انقطعت محبته إن حصل له ذلك الغرض، أو يئس من حصوله، ومحبة المؤمن وظيفة معينة على الدوام، وُجدت الأغراض أو عدمت، ولما كانت المحبة للأغراض هي الغالبة قل وجدان تلك الحلاوة، بل قد انعدم لا سيما في هذه الأزمان التي قد انمحى فيها أكثر رسوم الإيمان والشريعة، وغلب عليها صداقة النصارى، والرسوم النظامية، وبالجملة فمحبة المؤمنين من العبادات التي لا بد فيها من الإخلاص في حسن النيات اهـ.
(و) ثالثها (أن يكره) ويسخط (أن يعود) ويرجع ويصير (في) ملة (الكفر) والضلالة (بعد أن أنقذه الله) سبحانه وتعالى وأخرجه بسبب الإيمان (منه) أي من ذلك الكفر الخبيث (كما يكره) صفة لمصدر محذوف، أي وأن يكره عوده في الكفر بعد إخراج الله إياه منه كراهة مثل كراهته (أن يقذف) ويرمى (في النار) الأخروية أو مطلقًا، قال القرطبي: معنى يُقذف يُرمى، والقذف الرمي، وهذه الكراهة موجبة لما انكشف للمؤمن من محاسن الإسلام، ولما دخل قلبه من نور الإيمان، ولما خلصه الله من رذائل الجهالات وقبح الكفران.
قال النواوي: وعاد هنا بمعنى صار لأن مجيء عاد ورجع بمعنى صار كثير في كلامهم، قال القاضي: وسبب محبة الشيء كونه حسنًا في الحس، كالصورة الجميلة