فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ هَذَا؟ ". قُلْتُ: أَنَا. قَال: فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: "أَنَا أَنَا! ! "
ــ
الرواية الآتية (فقال النبي صلى الله عليه وسلم من هذا) المستأذن؟ قال جابر (قلت) له صلى الله عليه وسلم (أنا) المستأذن (قال) جابر (فخرج) إلي النبي صلى الله عليه وسلم (وهو) أي والحال أنه (يقول) تقول (أنا أنا) مبهمًا نفسك. قال النووي: زاد في رواية (كرهها) قال العلماء: إذا استأذن فقيل له: من أنت؟ أو من هذا؟ كره أن يقول: أنا. لهذا الحديث ولأنه لم يحصل بقوله (أنا) فائدة ولا زيادة بل الإبهام باق بل ينبغي أن يقول فلان باسمه وإن قال أنا فلان فلا بأس به كما قالت أم هانئ حين استأذنت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من هذه؟ فقالت: أنا أم هانئ. ولا بأس بقوله أنا أبو فلان .. الخ اهـ ولا أنا الشيخ فلان أو القارئ فلان والقاضي فلان إذا لم يحصل التمييز إلا بذلك يعني أن المقصود تعريف المستأذن نفسه وإزالة الإبهام عنها فبأي شيء يحصل ذلك يلزم عليه أن يورده والله أعلم.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم "أنا أنا" بالتكرير توبيخ لجابر لعدم إفادة قوله المقصود، قال الأبي: وقيل إنما كره ذلك لأنه دق الباب كما جاء في غير مسلم فأنكر عليه الاستئذان بالدق وبغير السلام اهـ ذهني.
قوله (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم) وزاد البخاري (في دين كان على أبي فدققت الباب) وبه ظهر أن المراد من قوله فدعوت أي استأذنت بدق الباب. قوله (فخرج وهو يقول أنا أنا) هذا يحتمل وجهين الأول أنه أنه كرر لفظ جابر إنكارًا منه عليه. والثاني أنه قال إن لفظ أنا يستعمل لكل متكلم فلا يحصل به التعريف. وبالجملة ففيه كراهة لمثل هذا الجواب فإن المستأذن عليه أن يعرف نفسه بوضوح وإن هذا الجواب ليس فيه فائدة جديدة لمن لا يعرف الصوت وإن كان الآخر يعرف الصوت فإن كلمة أنا مختصرة جدًّا لا تتضح بها مميزات الصوت ثم إن في هذا القول إيهامًا بالكبر حيث يزعم الإنسان أنه غني عن التعريف وهذا وإن كان منتفيًا في حق جابر في ذلك المقام ولكنه تعليم عام.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ٣٢٠]، والبخاري في الاستئذان [٦٢٥٠]، وأبو داود في الأدب [٥١٨٧]، والترمذي في الاستئذان [٢٧١٢]، وابن ماجه في الأدب في باب الاستئذان [٣٧٥٣].