الماشي .. الخ، فالجملة خبرية اللفظ إنشائية المعنى وهذا أدب من آداب السلام، والحكمة في ابتداء الراكب بالسلام على ما قاله المهلب أن لا يتكبر الراكب بركوبه فيرجع إلى التواضع، وقال أبو الفضل المازري: أمر الراكب لأن له مزية على الماشي فعوض الماشي بأن يبدأ الراكب بالسلام احتياطًا على الراكب بالزهو لو حاز الفضيلتين (و) يسلم (الماشي على القاعد) وفي رواية للبخاري (والمار على القاعد) وهو أشمل لأن المار أعم من أن يكون ماشيًا أو راكبًا، وحكمة ابتدائه بالسلام على ما ذكره المهلب أن المار له شبه بالداخل على أهل المنزل، وقال المازري: إن القاعد ربما يخاف من المار بعض الشر ولاسيما إذا كان راكبًا فإذا ابتدأ بالسلام أمن منه ذلك وأنس إليه أو لأن المار مشغول بحاجته وفي التصرف في الحاجات نوع من الامتهان فصار للقاعد مزية فأمر الماشي بالابتداء أو لأن القاعد يشق عليه مراعاة المارين مع كثرتهم، فسقطت البداية عنهم للمشقة بخلاف المار فإنه لا مشقة عليه اهـ فتح الباري [١١/ ١٧](و) يسلم (القليل على الكثير) لأن للكثير مزية ولأن توجه الأمر بالسلام إلى القليل أخف وأسهل من توجهه إلى الكثير، وقال أبو الليث: إذا دخل جماعة على قوم فإن تركوا السلام فكلهم آثمون في ذلك وإن سلم واحد منهم كفى عنهم جميعًا وإن سلم كلهم فهو أفضل وإن تركوا الجواب فكلهم آثمون وإن رد واحد منهم أجزأهم وبه ورد الأثر وإن أجاب كلهم فهو أفضل اهـ تكملة.
وقال الماوردي: لو دخل شخص مجلسًا فإن كان الجمع قليلًا يعمهم سلام واحد فسلم كفاه فإن زاد فخصص بعضهم فلا بأس ويكفي أن يرد منهم واحد فإن زاد فلا بأس وإن كانوا كثيرًا بحيث لا ينتشر فيهم فيبتدئ أول دخوله إذا شاهدهم وتتأدى سنة السلام في حق جميع من يسمعه ويجب على من سمعه الرد على الكفاية وإذا جلس سقط عنه سنة السلام فيمن لم يسمعه من الباقين اهـ فتح الباري [١١/ ١٤].
وذكر الماوردي أيضًا أن من مشى في الشوارع المطروقة كالسوق أنه لا يسلم إلا على البعض لأنه لو سلم على كل من لقي لتشاغل به عن المهم الذي خرج لأجله ولخرج به عن العرف حكاه الحافظ في الفتح [١١/ ١٧] ثم قال: ولا يعكر على هذا ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد عن الطفيل بن أبي بن كعب قال كنت أغدو مع ابن عمر إلى