أبي هريرة [٥٤] وبقوله "إذا لقيت أخاك فسلّم عليه" رواه أبو داود، وإذا تقرر هذا فكل واحد من الماشي والقاعد مأمور بأن يسلم على أخيه إذا لقيه غير أن مراعاة تلك المراتب أولى والله أعلم.
ثم هذا السلام المأمور به هو أن يقول السلام عليكم أو سلام عليكم إذ قد جاء اللفظان في الكتاب والسنة أو السلام عليكم ورحمة الله أو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولا يزاد على البركة فإن الزيادة بدعة كما في الموطإ، والسلام في الأصل بمعنى السلامة كاللذاذ واللذاذة كما قال تعالى: {فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١)} أي فسلامة، فعلى هذا يكون معنى قول المسلم "سلام عليك " أي سلامة لك مني وأمان ولذلك قال: صلى الله عليه وسلم في السلام أمان لذمتنا وتحية لملتنا" رواه الطبراني في الصغير، والخطيب في تاريخه، وابن الجوزي في الموضوعات [٣/ ٧٩] وفيه عصمة بن محمد الأنصاري، قال ابن معين: عصمة كذاب يضع الحديث. والسلام أيضًا اسم من أسماء الله تعالى كما قال تعالى:{السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيمِنُ} ومعناه في حق الله تعالى أنه المنزه عن النقائص والآفات التي تجوز على خلقه وعلى هذا فيكون معنى قول المسلم "السلام عليك " أي الله مطلع عليك وناظر إليك فكأنه يذكره باطلاع الله تعالى ويخوفه ليأمن منه ويسلمه من شره فإذا دخلت الألف واللام على المعنى الأول كان معناه السلامة كلها لك مني وإذا أدخلت على اسم الله تعالى كانت تفخيمًا وتعظيمًا أي الله العظيم السليم من النقائص والآفات المسلم لمن استجار به من جميع المخلوقات ولا يقل المبتدئ عليك السلام لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فيما رواه النسائي وأبو داود من حديث جابر بن سليم قال (لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله، فقال: "عليك السلام تحية الميت، السلام عليك ثلاثًا" رواه أبو داود [٥٢٠٩]، والترمذي [٢٧٢٣]، والنسائي [٩٦٩٤] في الكبرى أي هكذا فقل، وقوله (عليك السلام تحية الميت) يعني أنه الأكثر في عادة الشعراء كما قال:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما
لا أن ذلك اللفظ هو المشروع في حق الموتى لأنه صلى الله عليه وسلم قد سلم على الموتى كما سلم على الأحياء فقال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين" رواه أحمد