للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبُو طَلْحَةَ: كُنَّا قُعُودًا بِالأَفْنِيَةِ نَتَحَدَّثُ. فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ عَلَينَا. فَقَال: "مَا لَكُمْ وَلِمَجَالِسِ الصُّعُدَاتِ؟ اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُدَاتِ" فَقُلْنَا: إِنَّمَا قَعَدْنَا لِغَيرِ مَا بَأسٍ. قَعَدْنَا نَتَذَاكَرُ وَنَتَحَدَّثُ. قَال: "إِمَّا لا

ــ

لي والدي (أبو طلحة) الأنصاري زيد بن سهل المدني رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته، ومن لطائفه أن فيه رواية صحابي عن صحابي وولد عن والد (كنا) يومًا (قعودًا) أي قاعدين (بالأفنية) أي في أفنية الدور وجوانبها على ما كان في عادتنا من القعود في جوار بيوتنا للتحدث، والأفنية جمع فناء نظير أسقية وسقاء والفناء هو ما حول الدار من الفضاء حالة كوننا (نتحدث) فيما بيننا (فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي مر علينا (فقام علينا) في مروره علينا (فقال: "مالكم ولمجالس الصعدات ") أي ولمجالس الطرقات جمع مجلس اسم لمكان الجلوس، والصعدات بضم الصاد والعين المهملتين جمع صعيد كطريق وطرقات وزنًا ومعنى أي أي علقة بينكم وبين هذه المجالس وأي حاجة لكم إليها، وفي القرطبي: والصعدات جمع صعيد وهو الطريق مطلقًا، وقيل الطريق الذي لا نبات فيه مأخوذ من الصعيد وهو التراب على قول الفراء، أو وجه الأرض على قول ثعلب، ويجمع صعدًا وصعدات كطرق وطرقات وقد جاء الصعيد في الرواية الأخرى مفسرًا بالطريق (اجتنبوا مجالس الصعدات) أي ابتعدوا عنها واتركوا الجلوس فيها لأن لها حقوقًا من غض البصر وكف الأذى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنتم لا تقدرون على القيام بها، قال أبو طلحة (فقلنا) للنبي صلى الله عليه وسلم (إنما قعدنا) فيها (لغير ما بأس) ما زائدة والمعنى ما قعدنا فيها لشيء فيه بأس ومنع بل للتحدث والتذكر كما ذكره بقوله بل (قعدنا) فيها حالة كوننا (نتذاكر) العلم والحديث (ونتحدث) فيها أحاديث مباحة فيما بيننا، قال القرطبي: وهذا الحديث إنكار للجلوس على الطرقات وزجر عنه لكن محمله على ما إذا لم ترهق إلى ذلك حاجة كما قالوا ما لنا من ذلك بد نتحدث فيها لكن العلماء فهموا أن ذلك المنع ليس على جهة التحريم وإنما هو من باب سد الذرائع والإرشاد إلى الأصلح ولذلك قالوا (إنما قعدنا لغير ما بأس قعدنا نتذاكر ونتحدث) أي نتذاكر العلم والدين ونتحدث بالمصالح والخير ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم منهم ذلك وتحقق حاجتهم إليه أباح لهم ذلك ثم نبههم على ما يتعين عليهم في مجالسهم تلك من الأحكام فـ (قال إما لا) بد ولا غنى

<<  <  ج: ص:  >  >>