للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَدُّوا حَقَّهَا: غَضُّ الْبَصَرِ, وَرَدُّ السَّلامِ, وَحُسْنُ الْكَلامِ"

ــ

لكم عن الجلوس فيها (فـ) اجلسوا فيها و (أدوا حقها) أي افعلوا حق تلك المجالس وذلك الحق (غض البصر) عن الأجنبيات (ورد السلام) على من سلم عليكم من المارة (وحسن الكلام) مع المارة كأن تجيبوا لمن سألكم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وقوله (إما لا) هي إن الشرطية المكسورة الهمزة زيدت عليها (ما) فأدغمت نونها في ميم ما، وما زائدة لتأكيد معنى الشرط و (لا) عبارة عن الإباية والامتناع والمعنى إن أبيتم وامتنعتم من ترك مجالس الصعدات ولا بد من إبايتكم ولا غنى لكم عن قعودكم فيها فأعطوا الطريق حقها، قال الأبي: وقد أشار إلى علة النهي عن التعرض للفتن والإثم بمرور النساء والتعرض لحقوق الله تعالى وحقوق المسلمين التي لا تلزمه لو قعد في بيته من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ترك القيام به معصية وكذلك قد يكثر المار فيعجز عن رد السلام على كل مار به ورد سلام الإنسان واجب والإنسان مأمور بأن لا يعرض نفسه للفتن وأن لا يلزم نفسه ما لعله لا يقوم به فندبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ترك هذا كله فلما أعلموه أنه لا بد لهم من ذلك لما يقصده الإنسان من مجالسة الجيران والأصحاب من إراحة قلوبهم وقضاء حوائجهم والسؤال عن أحوالهم قال لهم إما لا أي إن لم تتركوها فأدوا حقها اهـ من الأبي. قال القرطبي: فلما سمعوا لفظ الحق وهو مجمل سألوا عن تفصيله ففصله لهم بقوله صلى الله عليه وسلم: "غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وهذه الحقوق كلها واجبة على من قعد على طريق ولما كان القعود على الطريق يفضي إلى أن تتعلق به هذه الحقوق ولعله لا يقوم ببعضها فيتعرض لذم الله تعالى ولعقوبته كره القعود فيها وغلظ بالزجر المتقدم والإنكار فإن دعت إلى ذلك حاجة كالاجتماع في مصالح الجيران وقضاء حوائجهم وتفقد أمورهم إلى غير ذلك قعد على قدر حاجتهم فإن عرض له شيء من تلك الحقوق وجب القيام به عليه.

قوله (وكف الأذى) يعني به لا يؤذي بجلوسه أحدًا من جلسائه بإقامته من مجلسه ولا بالقعود فوقه ولا بالتضييق عليه ولا يجلس قبالة دار جاره فيتأذى بذلك وقد يكون كف الأذى بأن يكف بعضهم عن بعض إلا أن هذا يدخل في قسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فحمله على المعنى الأول أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>