للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَنَسٍ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ -وَفِي حَدِيثٍ عَبْدِ الْوَارِثِ: "الرَّجُلُ"- حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"

ــ

وإسماعيل ابن علية وعبد الوارث وحماد بن زيد وهُشيم وشعبة وأبو عوانة ووهيب، وثقه أحمد، وقال في التقريب: ثقة من الرابعة، مات سنة (١٣٠) ثلاثين ومائة، روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة والصوم والنكاح والطب في ستة أبواب تقريبًا.

(عن أنس) بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من رباعياته، وهو الخامس من رباعياته ورجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد نسائي أو أبلي (قال) أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن عبدٌ) وكذا الأمة لأنها شقيقته، أي لا يصح إيمان عبد من عباد الله المكلفين، ولا إيمان أمة من إماء الله تعالى المكلفات، ونكره ليفيد العموم، أي لا يصح إيمان أي عبد كان، عربًا ولا عجمًا، أعرابًا ولا أهل كتاب (وفي حديث عبد الوارث) بن سعيد أي في روايته لا يؤمن (الرجل) بدل قوله عبد (حتى أكون) أنا (أحب إليه) أي أكثر محبوبية لديه (من أهله) وأقاربه (وماله) الذي اقترفه وجمعه (و) من جميع (الناس) من أبنائه وآبائه وأصدقائه وأحبائه كلهم (أجمعين)، وفي الرواية الآتية (من ولده ووالده والناس أجمعين) قال الخطابي: لم يُرد به حب الطبع، بل أراد به حب الاختيار لأن حب الإنسان نفسه طبع ولا سبيل إلى قلبه، قال: فمعناه لا تصدق في حبي حتى تفنى في طاعتي نفسك، وتؤثر رضاي على هواك وإن كان فيه هلاكك.

وقال القاضي وابن بطال وغيرهما: المحبة ثلاثة أقسام محبة إجلال وإعظام، كمحبة الوالد ومحبة شفقة ورحمة، كمحبة الولد ومحبة مشاكلة واستحسان كمحبة سائر الناس، فجمع صلى الله عليه وسلم أصنات المحبة في محبته، قال ابن بطال: ومعنى الحديث أن من استكمل الإيمان علم أن حق النبي صلى الله عليه وسلم آكد عليه من حق أبيه وابنه والناس أجمعين وإذا تبين ما ذكرناه تبين أن حقيقة الإيمان لا يتم إلا بذلك.

قال القرطبي: هذا الحديث على إيجازه يتضمن ذكر أقسام المحبة فإنها ثلاثة: محبة إجلال وإعظام كمحبة الوالد والعلماء والفضلاء، ومحبة رحمة وإشفاق كمحبة الولد، ومحبة مشاكلة واستحسان كمحبة غير من ذكرنا، وإن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بد أن تكون راجحة على ذلك كله، وإنما كان كذلك لأن الله تعالى قد

<<  <  ج: ص:  >  >>