للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلى الله عليه وسلم. فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا. وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ. وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا. فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال "أَلا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ

ــ

صلى الله عليه وسلم فأما أحدهما) أي أحد الاثنين (فرأى) أي فوجد (فرجة) أي خللًا ومحلًا فاضيًا (في الحلقة) أي في صف الدور (فجلس فيها) أي في تلك الفرجة، والفرجة بضم الفاء وفتحها مع سكون الراء الخلل بين الشيئين ويقال لها أيضًا فرج ومنه قوله: {وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} جمع فرج بسكون الراء مع فتح الراء، وأما الفرجة بمعنى الراحة من الغم فذكر الأزهري فيها فتح الفاء وضمها وكسرها وقد فرج له في الحلقة والصف ونحوهما بتخفيف الراء يفرج بضمها اهـ نووي. قوله (في الحلقة) قال القسطلاني: هي بإسكان اللام لا بفتحها على المشهور وحكي فتحها وهو نادر، قال العسكري: هي كل مستدير خالي الوسط والجمع حلق بفتح الحاء واللام اهـ. وفيه استحباب التحليق في مجالس الذكر والعلم، وفيه أن من سبق إلى موضع كان أحق به (وأما الآخر) من الاثنين (فجلس خلفهم) أي خلف أهل الحلقة ووراءهم (وأما الثالث) من النفر الثلاثة (فأدبر) أي ولى عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (ذاهبًا) أي خارجًا عن المسجد (فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم) مما كان مشغولًا به، قال الحاضرون: أخبرنا عن شأن هؤلاء النفر يا رسول الله فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا) أي انتبهوا واستمعوا مني خبر هؤلاء الثلاثة (أخبركم عن) شأن (النفر الثلاثة أما أحدهم) أي أحد الثلاثة (فأوى إلى الله) أي لجأ وانضم إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم (فآواه الله) أي جازاه بنظير فعله بأن ضمه إلى رحمته ورضوانه وإيواء الله لعبده صفة ثابتة له تعالى نثبتها ونعتقدها ولا نكيفها ولا نمثلها أثرها الرضا عنه والإحسان إليه، قال القرطبي: الرواية الصحيحة بقصر الأول وهو ثلاثي غير متعد ومد الثاني وهو رباعي متعد وهو قول الأصمعي وهي لغة القرآن قال الله تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} أي انضموا إلى الكهف ونزلوا فيه، وقال في الثاني: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} أي فضمك إليه، وقال أبو زيد: آويته أنا إيواء وأويته إذا أنزلته بك فعلت وأفعلت بمعنى اهـ من المفهم.

وفيه استحباب الأدب في مجالس الذكر والعلم وفضل سد خلل الحلقة كما ورد الترغيب في سد خلل الصفوف في الصلاة وجواز التخطي لسد الخلل ما لم يؤذ فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>