فـ (قال) جبريل في رقيته، فالجملة مفسرة لجملة فقال (باسم الله يبريك ومن كل داء يشفيك ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين) قوله باسم الله يبريك والمراد بالاسم هنا المسمى أي الذات والباء زائدة والإضافة فيه حينئذ من إضافة الشيء إلى نفسه وهو مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف جر زائد، وجملة يبريك خبر المبتدأ والمعنى مسمى هو الله أي ذات الله يبرئك ويشفيك من كل مرض ويحتمل أن يكون الاسم على بابه فالإضافة فيه من إضافة الاسم إلى المسمى لأن اسم الله يتبرك به كما أنَّه يتبرك بذاته لأن ما ورد على المسمى فهو وارد على الاسم والمعنى اسم الله يشفيك الله ببركته.
وقوله (يبرئك) بضم الياء من الإبراء بالهمزة وربما تخفف الهمزة فتبدل ياء أي اسم الله يبرئك من كل الأمراض ويعافيك من كل الآلام، والجار والمجرور في قوله (ومن كل داء) متعلق بقوله (يشفيك) قدم عليه لضرورة السجع، والجملة الفعلية معطوفة على جملة يبرئك أي واسم الله يشفيك ويعافيك من كل داء ومرض، والجار والمجرور في قوله (ومن شر حاسد) معطوف على الجار والمجرور في قوله (من كل داء) والظرف في قوله (إذا حسد) مجرد عن معنى الشرط متعلق بما تعلق به الجار والمجرور قبله.
وقوله (وشر كل ذي عين) بالجر معطوف على قوله وشر حاسد والمعنى واسم الله يحفظك من شر كل حاسد وضرره وقت حسده لك واسم الله يقيك من شر كل صاحب عين عائنة أي مضرة هذا ما ظهر للفهم السقيم في إعراب هذه الكلمات.
وعبارة القرطبي هنا (قوله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى) .. الخ دليل على استحباب الرقية بأسماء الله تعالى وبالعوذ الصحيحة المعنى وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله تعالى ولا ينقصه إذ لو كان شيء من ذلك لكان النبي صلى الله عليه وسلم أحق الناس بأن يجتنب ذلك فإن الله تعالى لم يزل يرقي نبيه صلى الله عليه وسلم في المقامات الشريفة والدرجات الرفيعة إلى أن قبضه الله تعالى على أرفع مقام وأعلى حال وقد رقي في أمراضه حتَّى في مرض موته صلى الله عليه وسلم فقد رقته عائشة رضي الله تعالى عنها في مرض موته ومسحته بيدها وبيده الشريفة وهو مقر لذلك غير منكر