للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الطبائع بالقطع بأن جواهر لطيفة غير مرئية تنبعث من العائن فتتصل بالمعيون وتتخلل مسام جسمه فيخلق البارئ الهلاك عندها كما يخلق الهلاك عند شرب السموم فقد أخطأ بدعوى القطع ولكن جائز أن يكون عادة ليست ضرورة ولا طبيعة.

وذكر ابن العربي عن الفلاسفة أن الإصابة بالعين صادرة عن تأثير النفس بقوتها فيه فأول ما تؤثر في نفسها ثم تؤثر في غيرها ثم رده بأنه لو كان كذلك لما تخلفت الإصابة في كل حال والواقع خلافه، ثم ذو عن بعض العلماء كلامًا مثل ما نقل الخطابي عن المازري ورده أيضًا بما لا يصلح ردًّا، ثم قال: والحق أن الله يخلق عند نظر العائن إليه وإعجابه به إذا شاء ما شاء من ألم أر هلكة وقد يصرفه قبل وقوعه إما بالاستعاذة أو بغيرها وقد يصرفه بعد وقوعه بالرقية أو الاغتسال أو بغير ذلك.

وحكى الحافظ في الفتح [١٠/ ٢٠٠] هذه الأقوال ثم قال: وقد أجرى الله العادة بوجود كثير من القوى والخواص في الأجسام والأرواح كما يحدث لمن ينظر إليه من يحتشمه من الخجل فيرى في وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل ذلك وكذا الاصفرار عند رؤية من يخافه وكثير من الناس يسقم بمجرد النظر إليه وتضعف قواه وكل ذلك بواسطة ما خلق الله تعالى في الأرواح من التأثيرات، ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إلى العين وليست هي المؤثرة وإنما التأثير للروح والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها فمنها ما يؤثر في البدن بمجرد الرؤية من غير اتصال به لشدة خبث تلك الروح وكيفيتها الخبيثة.

والحاصل أن التأثير بإرادة الله تعالى وخلقه ليس مقصورًا على الاتصال الجسماني بل يكون تارة به وتارة بالمقابلة وأخرى بمجرد الرؤية وأخرى بتوجُّه الروح كالذي يحدث من الأدعية والرقى والالتجاء إلى الله وتارة يقع ذلك بالتوهم والتخيل فالذي يخرج من عين العائن سهم معنوي إن صادف البدن الَّذي لا وقاية له أثر فيه وإلا لم ينفذ السهم بل رد على صاحبه كالسهم سواء، وهذا كلام متين جدًّا ومن هنا قال ابن بطال أن من ذلك أن الصحيح قد ينظر إلى العين الرمداء فيرمد ويتثاءب واحد بحضرته فيتثاءب هو، وقد نقل عن بعض من كان معيانًا أنَّه قال إذا رأيت شيئًا يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني، ويقرب ذلك بالمرأة الحائض تضع يدها في إناء اللبن فيفسد ولو وضعتها بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>