أمليه عليكم من هذه الصحيفة (ما حَدَّثَنَا) به (أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر) همام (أحاديث كثيرة منها) أي من تلك الأحاديث الكثيرة أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم العين) أي إصابة عين العائن للمعيون أي ضررها له (حق) أي أمر ثابت موجود لا شك فيه. قال ذهني: قوله (العين حق) أي الإصابة بها ثابتة موجودة، وفي الحديث رد على طائفة من المبتدعة حيث أنكروا إصابتها لأن الشارع أثبت وأخبر بوقوعه مع كونها من مجوزات العقل فوجب اعتقاده ولا يجوز إنكاره والله أعلم. وفي حديث البزار عن أنس مرفوعًا قال:"من رأى شيئًا فأعجبه فقال: ما شاء الله لا قوة إلَّا بالله لم يضره" اهـ، والإصابة بالعين أن ينظر المرء إلى شخص فيعجبه ذلك فيحدث ضرر بالمنظور إليه بسبب نظره إليه وإعجابه به ويسمى الناظر بعد إصابة العين عائنًا والمنظور إليه معيونًا.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الطب باب العين حق [٥٧٤٠]، وأبو داود في الطب باب ما جاء في العين [٣٨٧٩]، وابن ماجة في الطب باب العين [٣٥٥٢].
قال المازري: أخذ الجمهور بظاهر الحديث وقالوا إن إصابة العين حق وأنكره طوائف من المبتدعة بغير دليل لأن كل شيء ليس محالًا في نفسه ولا يؤدي إلى قلب حقيقة ولا إفساد دليل فهو من مجوزات العقول فإذا أخبر الشرع بوقوعه لم يكن لإنكاره معنى وهل من فرق بين إنكارهم هذا لمانكارهم ما يخبر به من أمور الآخرة حكاه الحافظ في الفتح [١٠/ ٢٥٣].
وأما حقيقة إصابة العين فقد تكلم فيها العلماء كثيرًا، فقال الخطابي: قال المازري: زعم بعض الطبائعيين أن العائن ينبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعيون فيهلك أو يفسد وهو كإصابة السم من نظر الأفاعي وأشار إلى منع الحصر في ذلك مع تجويزه وأن الَّذي يتمشى على طريق أهل السنة أن العين إنما تضر عند نظر العائن بعادة أجراها الله تعالى أن يحدث الضرر عند مقابلة شخص لآخر وهل ثم جواهر خفية أو لا؟ هو أمر محتمل لا يقطع بإثباته ولا بنفيه، ومن قال ممن ينتمي إلى الإسلام من أصحاب