أوانه المقدر له سبقت العين القدر اهـ مرقاة. والخطاب في قوله (وإذا استغسلتم فاغسلوا) لمن اتهم بأنه عائن أي وإذا طلب منكم أيها العائنون أولياء المعيون غسل أطرافكم وما تحت الإزار لتصب غسالتكم على المريض طلبًا لشفائه (فاغسلوا) أيها العائنون أطرافكم وأعطوا غسالتكم لأولياء المريض ليصبوها عليه طلبًا لشفائه من إصابة أعينكم إياه. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يمتنعوا عن الاغتسال إذا أريد منهم ذلك اهـ مرقاة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي [٢٠٦٣].
قال القرطبي:(قوله العين حق) أي ثابت موجود لا شك فيه وهذا قول علماء الأمة ومذهب أهل السنة، وقد أنكرته طوائف من المبتدعة وهم محجوجون بالأحاديث النصوص الصريحة الكثيرة الصحيحة وبما يشاهد من ذلك في الوجود فكم من رجل أدخلت العين القبر وكم من جمل ظهير أحلته القدر لكن ذلك بمشيئة الله تعالى وقدرته كما قال:{وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِ اللهِ} ولا يلتفت إلى معرض عن الشرع والعقل يتمسك في إنكار ذلك باستبعاد ليس له أصل فإنا نشاهد من خواص الأحجار وتأثير السحر وسموم الحيوانات ما يقضي منها العجب ويتحقق أن كل ذلك فعل مسبب كل سبب ولا يلتفت أيضًا إلى قول من قال من المثبتين للعين إن العائن تنبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيهلك أو يفسد كما تنبعث قوة سمية من الأفعى والعقرب تتصل باللديغ فتهلكه لأنا نقول لهؤلاء إن كنتم تريدون بالقوة أن هناك معنى يقتضي ذلك الضرر بذاته وأن ذلك ليس فعلًا لله تعالى فذلك كفر لأنه جحد لما علم من الشرع والعقل من أنَّه لا خالق إلَّا الله عزَّ وجلَّ ولا فاعل على الحقيقة إلَّا هو وإن كان يريد بذلك أن الله تعالى هو الفاعل للسبب والمسبب فهو الحق الصريح غير أن إطلاق لفظ القوة في هذا المعنى ليس بحسن عند المتشرعين ولا صحيح.
قوله (ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين) هذا إغياء في تحقيق إصابة العين ومبالغة فيه تجري مجرى التمثيل لأنه يمكن أن يرد القدر شيء فإن القدر عبارة عن سابق علم الله تعالى ونفوذ مشيئته ولا راد لأمره ولا معقب لحكمه وإنما هذا خرج مخرج قولهم لأطلبنك ولو تحت الثرى أو لو صعدت إلى السماء ونحوه مما يجري هذا المجرى وهو كثير.