الحقوق، سواء كانت في معاملة الخلق، أو في معاملة الخالق، لما أن القيام بحقوق الخلق لأجل الله تعالى يستلزم القيام بحقه جل وعلا، إذ هو المنعم تعالى بجميع النعم جملة وتفصيلًا وتفضل سبحانه بسبب التواد والوصلة، وهو الإيمان والإسلام، ومَن بمنِّه انتظم به شمل المؤمنين، وحصلت به المكارم وأنواع الخيرات كلها سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ولقد أجاد من قال في مدحه صلى الله عليه وسلم:
أحل أمته في حرز ملته ... كالليث حلَّ مع الأشبال في أجم
وقد عُدَّ هذا الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وكله جوامع اهـ من السنوسي.
وقال القرطبي: قوله "لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه" معناه لا يكمل إيمانه كما تقدم إذ من يَغش المسلم ولا ينصحه مرتكب كبيرة، ولا يكون كافرًا بذلك كما بيناه غير مرة، وعلى هذا فمعنى الحديث أن الموصوف بالإيمان الكامل من كان في معاملته للناس ناصحًا لهم مريدًا لهم ما يريده لنفسه، وكارهًا لهم ما يكرهه لنفسه، وتضمن أن يفضلهم على نفسه، لأن كل أحد يُحب أن يكون أفضل من غيره، فإذا أحب لغيره ما يُحب لنفسه فقد أحب أن يكون غيره أفضل منه وإلى هذا المعنى أشار الفضيل بن عياض حين قال لسفيان بن عيينة: إن كنت تريد أن يكون الناس مثلك فما أديت لله الكريم النصيحة فكيف وأنت تود أنهم دونك كما مر انتهى.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد (٣/ ١٧٦، ٢٧٢، ٢٧٨) والبخاري (١٣) والنسائي (٨/ ١١٥) والترمذي (٢٥١٧) وابن ماجه (٦٦).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
(٧٩) - متا (٠٠)(حدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي مولاهم أبو خيثمة النسائي، ثقة ثبت من العاشرة، مات سنة (٢٣٤) أربع وثلاثين ومائتين، وتقدم وأن المؤلف روى عنه في عشرين بابًا تقريبًا.
قال زهير (حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ التميمي أبو سعيد القطان البصري الأحول، ثقة متقن إمام حافظ قدوة من كبار التاسعة، مات سنة (١٩٨) ثمان وتسعين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا (عن