وبل بالإدام أو بالمرق (فصبت التلبينة عليها) أي على الأطعمة المصنوعة من الثريد أنث الضمير نظرًا إلى كونه بمعنى الأطعمة ولو قال (فصبت التلبينة عليه) لكان أوضح بلا حاجة إلى التأويل، قال النووي: وفيه استحباب التلبينة للحزن، وفي المبارق التلبينة مصدر لبن زيد القوم بتشديد الباء إذا سقاهم اللبن والمراد بها هنا ما يطبخ من ماء الشعير أو النخالة سميت بذلك لشبهها باللبن اهـ (ثم قالت) عائشة للنساء المجتمعات للحزن كلن منها) أي من هذه الأطعمة (فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول التلبينة مجمة) بفتح الميم والجيم على أنه مصدر ميمي بمعنى اسم الفاعل من جم يجم كذب يذب، وروي بضم الميم وكسر الجيم على أنه اسم فاعل من أجم الرباعي فالأول من الجم والثاني من الإجمام ومعناهما واحد وهو الإراحة يقال جم الفرس وأجم إذا أريح فلم يركب فيكون أدعى لنشاطه والمعنى أنها تريح فؤاد المريض والمحزون وتزيل عنه الهم وتنشطه لأنها غذاء لطيف سهل التناول على المريض اهـ من الأبي أي مريحة (لفؤاد المريض تذهب) عنه (بعض الحزن) قال الموفق البغدادي: والمراد بالفؤاد هنا رأس المعدة فإن فؤاد الحزين يضعف باستيلاء اليبس على أعضائه وعلى معدته خاصة لتقليل الغذاء، والحساء يرطبها ويغذيها ويقويها ويفعل مثل ذلك بفؤاد المريض لكن المريض كثيرًا ما يجتمع في معدته خلط مراري أو بلغمي أو صديدي وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة حكاه الحافظ في الفتح ويؤيده ما أخرجه النسائي عن عائشة مرفوعًا "والذي نفس محمد بيده إنه أي إن التلبينة لتغسل بطن أحدكم كما يغسل أحدكم الوسخ عن وجهه بالماء" وأخرج النسائي والترمذي وأحمد عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله الوعك أي الحمى أمر بالحساء فصنع ثم أمرهم فحسوا منه، ثم قال:"إنه يرتو -أي يقوي- فؤاد الحزن ويسروا -أي يكشف- عن فؤاد السقيم كما تسرو إحداكن الوسخ عن وجهها بالماء" وأخرج البخاري عن عائشة أنها كانت تسمي التلبينة البغيض النافع وإنما سمته بذلك لأن المريض يبغضه مع كونه نافعًا له كسائر الأدوية، وقال القرطبي: التلبينة حساء من دقيق. قوله (مجمة) يروى بفتح الميم والجيم وبضم الميم وكسر الجيم فعلى الأول هو مصدر أي جمام وعلى الثاني يكون اسم فاعل من أجم ومعناه أنها تقويه وتنشطه وذلك لأنها غذاء فيه لطافة سهل التناول على المريض