للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنَ اللَّهِ. وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيطَانِ. فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلْمًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثًا. وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا, فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ"

ــ

وسكون اللام هو لغة مصدر حلم بفتح الحاء واللام إذا رأى في منامه رؤيا حسنًا كان أو مكروهًا وأراد به النبي صلى الله عليه وسلم هنا ما يكره أو ما لا ينتظم أي تخويف (من الشيطان) يعني ما يلقيه مما يهول أو يخوف أو يحزن به، قال الأبي: الحلم اسم لما يراه النائم لكن غلب اسم الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح وقد يستعمل كل منهما مكان الآخر اهـ منه، وهذا النوع هو المأمور بالاستعاذة منه بقوله صلى الله عليه وسلم (فإذا حلم) أي رأى (أحدكم) في نومه (حلمًا) أي منامًا (يكرهه) ويحزنه ويخوفه (فلينفث) أي فليتفل، والنفث وكذا التفل نفخ لطيف بلا ريق (عن يساره ثلاثًا) من المرات (وليتعوذ بالله) تعالى (من شرها) أي من شر وقوع ضررها (فإنها) أي فإن تلك الرؤيا (لن تضره) بوقوع ضررها، معناه أن الله تعالى جعل هذا سببًا لسلامته من مكروه يترتب عليها كما جعل الصدقة وقاية للمال وسببًا لدفع البلاء كذا في النووي، وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة منها لأنها من تخييلات الشيطان وتشويشاته فإذا استعاذ الرائي منه صادقًا في التجائه إلى الله تعالى ونفث عن يساره ثلاثًا وتحوّل عن جنبه كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وصلى أذهب الله عنه ما أصابه وما يخافه من مكروه ذلك ولم يصبه منه شيء ببركة صدق الالتجاء إلى الله تعالى وامتثال أوامره صلى الله عليه وسلم وكان فعل هذه الأمور كلها مانعًا من وقوع ذلك المكروه كما يقال إن الدعاء يدفع البلاء والصدقة تدفع ميتة السوء وكل ذلك بقضاء الله تعالى وقدره ولكن الوسائط والأسباب عاديات (جمع عدوى وهي المعونة) لا موجدات، وفائدة أمره بالتحول عن جنبه الذي كان عليه ليتكامل استيقاظه وينقطع عن ذلك المنام المكروه، وفائدة الأمر بالصلاة أن تكمل الرغبة وتصح الطلبة فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد اهـ من المفهم بتصرف.

وحاصل ما ورد في الحديث من أدب الرؤيا المكروهة أشياء: الأول: أن يتعوذ بالله تعالى من شرها. والثاني أن يتعوذ بالله من الشيطان. والثالث أن يتفل عن يساره ثلاثًا. والرابع أن لا يذكرها لأحد أصلًا. والخامس أن يقوم الرجل فيصلي وقد ورد عن أبي هريرة مرفوعًا "فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل" كما سيأتي في المتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>