للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خمسة أوجه أحدها: أنَّه صلى الله عليه وسلم قاله قبل أن يعلم أنَّه سيد ولد آدم فلما أُعلم قال ذلك، والثاني: قاله أدبًا وتواضعًا، والثالث: أن النهي إنما هو عن تفضيل يؤدي إلى تنقيص المفضول، والرابع: إنما نهى عن تفضيل يؤدي إلى الخصوصية والفتنة كما هو المشهور في سبب الحديث، والخامس: أن النهي مختص بالتفضيل في نفس النبوة فلا تفاضل فيها وإنما التفاضل في الخصائص وفضائل أخرى ولا بد من اعتقاد التفضيل فقد قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}.

قوله: (وأنا أول من ينشق عنه القبر) يعني أنَّه أول من يعجل إحياؤه مبالغة في إكرامه وتخصيصًا له بتعجيل جزيل إنعامه، ويعارض هذا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر أنَّه أول من يُبعث فيجد موسى متعلقًا بساق العرش رواه مسلم [٣/ ٢٣١] [١٦٠] وسيأتي هذا مبينأ في باب ذكر موسى - عليه السلام - إن شاء الله تعالى، قوله: (وأول شافع) أي أول من يطلب الشفاعة من الله تعالى والشفاعة في اصطلاحاتهم طلب الخير من الغير للغير (وأول مشفع) أي أول من تُقبل شفاعته عند الله تعالى وإنما صرح بذلك لأنه قد يشفع اثنان فيُشفع الثاني قبل الأول فالأولية في الشفاعة لا تستلزم الأولية في التشفيع ولذلك أفرد كلًّا منهما بالذكر، قال القرطبي: قد تقدم: القول في الشفاعة وأقسامها في الأيمان ومقصود هذا الحديث أن يبين أنَّه لا يتقدمه شافع لا من الملائكة ولا من النبيين ولا من المؤمنين في جميع أقسام الشفاعات على أن الشفاعة العامة لأهل الموقف خاصة لا تكون لغيره صلى الله عليه وسلم وهذه المنزلة أعظم المراتب وأشرف المناقب وهذه الخصائص والفضائل التي حدَّث بها النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه إنما كان ذلك منه لأنها من جملة ما أُمر بتبليغه لما يترتب عليها من وجوب اعتقاد ذلك وأنه حق في نفسه وليُرغِّب في الدخول في دينه وليتمسك به من دخل فيه وليعلم قدر نعمة الله عليه في أن جعله من أمة من هذا حاله ولتعظم محبته في قلوب متبعيه فتكثر أعمالهم وتطيب أحوالهم فيحشرون في زمرته وينالون الحظ الأكبر من كرامته، وعلى الجملة فيحصل له بذلك شرف الدنيا وشرف الآخرة لأن شرف المتبوع متعدٍّ لشرف التابع على كل حال فإن قيل كل هذا راجع إلى الاعتقاد وكيف يحصل القطع بذلك من أخبار الآحاد فالجواب أن من سمع شيئًا من تلك الأمور من النبي صلى الله عليه وسلم مشافهة حصل له العلم بذلك كما حصل للصحابة السامعين منه ومن لم يشافهه فقد يحصل له العلم

<<  <  ج: ص:  >  >>