للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنَّه سيدهم في الدنيا والآخرة فسبب التقييد أن في يوم القيامة يظهر سؤدده لكل أحد ولا يبقى منّاع ولا معاند ونحوه بخلاف الدنيا فقد نازعه ذلك فيها ملوك الكفار وزعماء المشركين وهذا التقييد قريب من قوله تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} مع أن الملك له سبحانه قبل ذلك لكن كان في الدنيا من يدعى الملك أو من يضاف إليه مجازًا فانقطع كل ذلك في الآخرة اهـ نووي.

وأما لفظ السيد فهو اسم فاعل من ساد قومه يسود إذا تقدَّمهم بما فيه من خصال الكمال وبما يوليهم من الإحسان والإفضال وأصله يسود لأن ألف ساد منقلبة عن واو بدليل أن مضارعه يسود فقلبوا الواو ياءً وأدغموها في الياء فصار سيدًا وهذا نظير ميت وقد تبين للعقل والعيان ما به، كان محمد صلى الله عليه وسلم سيد نوع الإنسان وقد ثبت بصحيح الأخبار ماله من السؤدد في تلك الدار فمنها أنَّه قال: "أنا سيد ولد آدم" قال: "وتدرون بم ذاك" قالوا: الله ورسوله أعلم قال: "إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد" رواه مسلم (١٩٤) وذكر حديث الشفاعة المتقدم ومضمونه أن الناس كلهم إذا جمعهم موقف القيامة وطال عليهم وعظم كربهم طلبوا من يشفع لهم إلى الله تعالى في إراحتهم من موقفهم فيبدئون بآدم - عليه السلام - فيسألونه الشفاعة فيقول: نفسي نفسي لست لها وهكذا يقول من سئلها من الأنبياء حتَّى ينتهي الأمر إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: "أنا لها" فيقوم في أرفع مقام ويُخص بما لا يحصى من المعارف والإلهام وينادي بألطف خطاب وأعظم إكرام "يا محمد قل: تُسمع، وسل تعطه واشفع تشفع" وهذا مقام لم ينله أحد من الأنام (الأنبياء) "ولا سُمع بمثله لأحد من الملائكة الكرام فنسأل الله تعالى باسمه العظيم وبوجهه الكريم أن يحيينا على شريعته وعلى ملته ويحشرنا في زمرته ولا يجعلنا ممن ذيد (طُرد) عنه وبُعد منه اهـ وزيد في الترمذي عن أبي سعيد الخدري وعن ابن عباس لفظ "ولا فخر" يعني أنَّه صلى الله عليه وسلم لا يقول ذلك فخرًا وإعجابًا بنفسه أو استكبارًا على غيره والعياذ بالله بل قال ذلك بيانًا لحقيقة واقعة يجب أن يعتقدها كل مسلم فهو من قبيل تبليغ الرسالة وتحديث النعمة.

وأما حديث "لا تفضّلوا بين أنبياء الله" فقال فيه النووي رحمه الله تعالى: جوابه من

<<  <  ج: ص:  >  >>