للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَنْقَى مِنْ أَنْ يَكُونَ نَاقِلُوهَا أَهْلَ اسْتِقَامَةٍ فِي الْحَدِيثِ،

وَ

ــ

وقولهُ: (وأَنْقَى) -بالنون والقاف- معطوفٌ على قوله: (أَسْلَمُ) أي: ونُقَدِّم الأخبارَ التي هي أَنْقَى وأَصْفَى وأَخْلَصُ باعتبار أسانيدها من العيوب كالإرسال والانقطاع والتدليس والتخليط؛ أي: أكثرُ نقاءً من العيوب من نقاء غيرها منها.

و(مِنْ) في قوله: (مِنْ أَنْ يكونَ نَاقِلُوها) تعليليةٌ (١) متعلِّقةٌ بـ (أَسْلَمُ) و (أَنْقَى) على سبيل التنازع.

وعبارة السنوسي: (وهنا تمَّ الكلامُ على قوله: "أسلمُ" و"أنقى"، ثم ابتدأ ببيان سبب كونها أسلمَ وأنقى فقال: "مِنْ أنْ يكونَ ناقلوها أهل استقامةٍ" فالظاهرُ أَنَّ "مِنْ" تعليليةٌ، وعَدَلَ إِلى المضارع في قوله: "يكونَ"؛ لقَصْدِ الاستمرار، والله أعلم) اهـ (٢)

أي: فإِنَّا نتَوَخَّى أن نُقَدِّمَ الأخبارَ التي هي أَسْلَمُ وأَنْقَى من العُيُوبِ؛ لأجل كون رواتِها وناقليها (أهلَ استقامةٍ) وعدالةِ وثباتِ وثقَةٍ (في) علم (الحديثِ، و) أهلَ


(١) قال الإِمام النووي رحمه الله تعالى: (والظاهرُ أَنَّ لفظة "مِنْ" هنا للتعليل؛ فقد قال الإِمام أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن عمر الأسدي في كتابه "شرح اللمع" في باب المفعول له: اعْلَمْ: أَنَّ الباء تقوم مقام اللام، قال الله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ}، وكذلك "مِنْ"، قال الله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}، وقال أبو البقاء في قوله تعالى: {وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ}: يجوزُ أن يكون للتعليل، والله أعلم).
"شرح صحيح مسلم" (١/ ٥٠).
(٢) "مكمل إكمال الإكمال" (١/ ١٠)، وأكثر هذه العبارة من "شرح صحيح مسلم" النووي (١/ ٥٠)، وقال العلّامة السِّنْدي: (قولهُ: "فإنَّا نتَوَخَّى" خبرٌ عن "القسمُ الأولُ" بحسب المعنى؛ أي: فهي الأخبارُ التي هي أَسْلَمُ من العيوب التي تَوَخَّينا أنْ نُقَدِّمها، وقولهُ: "أَسْلَمُ وأَنْقَى" هما من السلامة والنقاء، وهما يتعدّيان بكلمة "مِن"، ولا بُدّ لهما بعد ذلك من كلمة "مِنْ" التفضيلية، فمِنْ في قوله: "من العيوب" للتعدية، و "مِن" في قوله: "مِنْ غيرِها" تفضيليةٌ، وهما متعلِّقان بـ "أَسْلَم"، ولا بُدَّ من تقديرِ مثلهما "لأَنْقَى"، تركتا لفظًا لدلالة العطف عليه، وأمَّا "مِنْ" في قوله: "مِنْ أنْ يكونَ" فتعليليةٌ؛ أي: لأجلِ أن يكون، وهذا هو الصواب، وأمَّا اعتبارُها تفضيليةً بتقديرِ "ذات" فلا وَجْهَ له عند التأمّل الصائب، فليُفهم). "الحل المفهم" (ص ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>