لأنَّ المؤلِّفَ ربما أخرج الحديثَ الذي لا حاجة إِلى ذِكْرِه وإِعادته أصلًا ليُبَيِّنَ سماع راوٍ من شيخه لكونه أَخْرَجَ له قبلَ ذلك مُعَنْعَنًا كما ذكره السيوطي في "التدريب" (١/ ٩٣).
وقولُهم:(لا بُدَّ من هذا) معناه: لا عوضَ منه. اهـ سنوسي (١)
(. . فلا نَتَوَلَّى فِعْلَه) أي: فلا نُلزم ولا نُوجِبُ على أنفسنا فعلَ إِعادةِ ذلك الحديث ولا نقصدُه، يُقال: تولَّى الشيء إِذا لزمه.
(إنْ شاءَ اللهُ) سبحانه و (تَعَالى) أي: تَرَفَّع عن كُل ما لا يَلِيقُ بهِ عدمَ تولينا إِعادته، وعلَّقَ بالمشيئةِ لما مَرَّ.
وهذا التفصيل هو ما الْتَزَمَ بهِ الإِمامُ مسلمٌ رحمه الله تعالى في "جامعه"؛ فإنه أعادَ أحاديثَ كثيرةً وكَرَّرَها، ولكنْ إِعادتُه وتكرارُه في كتابه كُلِّه متنًا أو سندًا لم تخلُ من فائدةِ وغَرَضٍ، فإِذا حَصَلَ التكرارُ في كتابه متنًا أو سندًا. . فلا بُدَّ من البحث عن غَرَضِه فيهِ.
والفاءُ في قوله:(فأمَّا القِسْمُ الأَوَّلُ) فاءُ الفصيحةِ؛ لأنها أفصحت عن جوابِ شرطٍ مُقَدَّرٍ تقديرُه: إِذا عَرَفْتَ أنا نَعْمِدُ إِلى جُمْلَةِ ما أُسْنِدَ من الأخبار فنَقْسِمُها على ثلاثةِ أقسامٍ وثلاثِ طبقاتٍ، وأردتَ بيانَ تلك الأقسامِ الثلاثةِ. . فأقول لك:
أمَّا القسمُ الأولُ من أقسام الحديث الثلاثة وأقسام الطبقات الثلاثة:(فـ) مذكورٌ في ضمن قولي: (إنَّا) نحن (نَتَوَخَّى) أي: نتَحَرَّى ونقصدُ، وفي "المختار": (تَوَخَّى مرضاتَه: تَحَرَّى وقَصَدَ) اهـ (أنْ نُقَدِّمَ) في كُلِّ بابٍ وحُكْمٍ من الأحكام (الأخبارَ) أي: ذِكْرَ الأخبارِ والأحاديثِ (التي هي أَسْلَمُ) باعتبار متونها؛ أي: أكثرُ سلامةً (من العُيُوبِ) أي: من أسباب الضعف كالشُّذوذ والنَّكارة والاضطراب (مِنْ) سلامة (غيرِها) منها، والعيوبُ جَمْعُ عَيبٍ، والعَيبُ: النَّقِيصةُ والفسادُ.