للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَجَاءَ رَسُولُ ابْنِ الْعَلْمَاءِ، صَاحِبِ أَيلَةَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ، وَأَهْدى

ــ

ولا يعارض هذا بحديث تأبير النخل فإن الله تعالى قد أجرى عادة ثابتة متكررة في تأبير النخل لم يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما أرى هذا يغني شيئًا، يعني التابير وصدق فإن الله تعالى هو الَّذي يمسك الثمرة ويطيبها إذا شاء لا التأبير ولا غيره بخلاف الوصول إلى المقادير بالخرص فإن الغالب فيه من الممارسين له التقريب لا التحقيق وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمقدار ذلك على التحقيق فوجد ما أخبر فإن كان هذا منه على حدس وتخمين كان دليلًا على أنَّه قد خص من ذلك بشيء لم يصل إليه غيره وإن كان ذلك بالوحي كان ذلك من شواهد نبوته صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (ستهب عليكم ريح شديدة) هذا من المعجزات الغيبية وهي من الكثرة بحيث لا تحصى يحصل بمجموعها العلم القطعي بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم كثيرًا من علم الغيب الَّذي لا يعلمه إلَّا الله أو من ارتضاه من الرسل فاطلعه الله عليه والنبي صلى الله عليه وسلم قد أطلعه الله عليه فهو رسول من أفضل الرسل.

وقوله: (فلا يقم فيها أحد ومن كان له بعير فليشد عقاله) دليل على الأخذ بالحزم والحذر في النفوس والأموال ومن أهمل شيئًا من الأسباب المعتادة زاعمًا أنَّه متوكل فقد غلط فإن التوكل لا يناقض التحرز بل حقيقته لا تتم إلَّا لمن جمع بين الاجتهاد في العمل على سنة الله وبين التفويض إلى الله تعالى كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ من المفهم.

(وجاء رسول ابن العَلْمَاء) بفتح العين المهملة وسكون اللام والمد وهو تأنيث الأعلم وهو المشقوق الشفة العليا والأفلح هو المشقوق الشفة السفلى (صاحب أيلة) بالجر صفة لابن العلماء وقوله صاحب أيلة يعني به مَلِكهَا، وأيلةُ بلد معروف بالشام وإِلَيهِ تُنْسَبُ عَقَبَةُ أَيلَةَ وهي بفتح الهمزة وسكون الياء بلدة قديمة على ساحل البحر وجاء في مغازي ابن إسحاق ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يُوحَنّا بن رَوْبةَ صاحبُ أيلة فصَالحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزيةَ، قال الحافظ: فاستفيد من ذلك اسمه واسم أبيه فلعل العَلْمَاء اسمُ أمه ولقَبها ويوحنّا بضم التحتانية وفتح المهملة وتشديد النون، ورُوْبة بضم الراء وسكون الواو أي جاء ذلك الرسول (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب) أي برسالة من ابن العلماء (وأهدى) ابن العلماء

<<  <  ج: ص:  >  >>