للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَا يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ. فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالهُ" فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَة. فَقَامَ رَجُلٌ فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى أَلْقَتْهُ بِجَبَلَي طَيًئٍ،

ــ

والهبوب حتَّى تأخذ من قام فيها (فلا يقم فيها أحد منكم) من مرقده احتراسًا من أخذها وتحفظًا من ضررها، وفي رواية لابن إسحاق في المغازي (ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلَّا ومعه صاحب له) وفيه شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة وجواز تعليم التدابير الوقائية وأخذ الاحتياطات اللازمة عندما يخشى الضرر (فمن كان له بعير) أي جمل (فليشد عقاله) أي فليقو عقاله وربطه لئلا يتحرك، قال أبو حميد: (فهبت) وعصفت (ريح شديدة) تلك الليلة التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم (فقام رجل) من المسلمين لم أقف على من ذكر اسمه (فحملته) أي حملت (الريح) ذلك الرجل (حتَّى ألقته) ورمته (بجبل طيء) أي على أحد جبلين لطيء هما مشهوران يقال لأحدهما: (لَجَأ) بفتح اللام والجيم وبالهمز آخره والآخر يقال له: (سلمى) بفتح السين وسكون اللام وبالقصر، وطيء على وزن سيد هو أبو قبيلة من اليمن، قال صاحب التحرير: وطيء يُهمز ولا يُهمز لغتان اهـ نووي. وهي القبيلة المعروفة كانت مقيمة بين جبلين أحدهما أَجَا والآخر سلمى سُميا باسم رجل وامرأة كانت لهما قصة في ذلك الموضع ذكرها العيني في عمدة القاري [٤/ ٤١٦] عن أسماء البلدان للكلبي وحاصلها أن أجا قد هرب بعشيقته سلمى وجاء إلى هذين الجبلين وأقام بهما فجاء إخوة سلمى في طلبها فأخذوا سلمى ونزعوا عينها ووضعوها على الجبل وكُتف أجأ ووضع على الجبل فسُمي بهما الجبلان فسُميت بلاد طيء بجبل طيء، وفي رواية لابن إسحاق في المغازي (فَفَعَل الناسُ ما أمرهم به إلَّا رجلَين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته وخرج آخر في طلب بعير له فأما الَّذي ذهب لحاجته فإنه خُنق على مذهبه، وأما الَّذي ذهب لطلب بعيره فاحتملته الريح حتَّى طرحته بجبل طيء فأُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألم أنهكم أن يخرج الرجل إلَّا ومعه صَاحِبٌ له" ثم دعا على الَّذي أصيب على مذهبه فشُفي، وأما الآخر فإنه وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم من تبوك) كذا في فتح الباري [٣/ ٣٤٥] قال القرطبي: (قوله صلى الله عليه وسلم: اخرصوها) فيه دليل على جواز الخرص إذا احتيج إليه وأنه طريق معتبر شرعًا وخروج ثمرة هذه الحديقة على مقدار ما خرصه رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل على صحة حدسه وقوة إدراكه وإصابته وجه الصواب فيما كان يحاوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>