أي أنا لكم كالنذير العريان لقومه من عدوهم قيل: كان أصله أن رجلًا معينًا سلبه العدو فانفلت منهم فأنذر قومه عريانًا، وقيل: كان الرجل من العرب إذا رأى ما يوجب إنذاره قومه تجرد من ثيابه وأشار إليهم بها ليعلمهم بما دهمهم وهذا أشبه وأليق بمقصود الحديث اهـ من المفهم. أي دماني أنا المنذر لكم المخلص في إنذاره (فـ) إن قبلتم إنذاري فـ (النجاء) بالمد بلا تكرار منصوب على الإغراء جوازًا لعدم التكرار ولو تكرر لوجب نصبه على الإغراء لقيام التكرار مقام العامل المحذوف أي فاطلبوا النجاة والسلامة لأنفسكم قبل هجوم العدو لكم (فأطاعه) أي قبل قوله وتحذيره (طائفة من قومه) أي جماعة منهم (فأدلجوا) أي ساروا من أول الليل إدلاجًا، من أدلج الرباعي كأكرم إكرامًا، والاسم الدلج والدلجة تفتح الدال فيهما وهو ظلام أول الليل ويقال: أدلج يدلج إدلاجًا بالتشديد من باب افتعل الخماسي والاسم الدلجة بضم الدال وهو آخر الليل (فانطلقوا) أي ذهبوا ومشوا (على مهلتهم) بضم الميم أي على راحتهم وهينتهم بلا إسراع ولا استعجال (وكذبت طائفة منهم) إنذار نذيرهم (فأصبحوا مكانهم) أي دخلوا وقت الصباح في مكانهم بلا تحرك (فصبَّحهم الجيش) أي أغار عليهم في الصباح جيش العدو (فأهلكهم) أي قتلهم (واجتاحهم) أي استأصلهم وأعدمهم بالكلية صغارًا وكبارًا رجالًا ونساءً وأخذ أموالهم، أصله من جاح يجوح بوزن قال: والاسم الجائحة (فذلك) المذكور من الطائفتين (مثل من أطاعني) وقبلني فيما أقول (واتبع) أي وامتثل (ما جئت به) من الهدى والشريعة وهذا مثل الطائفة الأولى (ومثل من عصاني) وخالفني فيما أمرتهم به (وكذب ما جئت به من الحق) والشريعة. وفيه إشارة إلى أن مطلق العصيان غير مستأصل بل العصيان مع التكذيب بالحق كذا في المبارق وهذا مثل الطائفة الثانية.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في الرقاق باب الانتهاء من المعاصي [٦٤٨٢] وفي الاعتصام بالكتاب والسنة باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم [٧٢٨٣].
قوله:(وإني أنا النذير العريان) قال النووي: قال العلماء: أصله أن الرجل إذا أراد