للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ، وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ،

ــ

الأحاديث بالمعنى الأول أي ما من رسول من الرسل المتقدمة، قال الأبي: قوله "حواريون وأصحاب" عُورض هذا بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر الذي أخبر فيه عن مجيء الأنبياء في أممهم يوم القيامة فإنه قال فيه "يأتي النبي ومعه الرجل والرجلان ويأتي النبي وليس معه أحد" وأجيب بأن هذا العموم وإن كان مؤكدًا من بعد النفي فهو مؤول بأنه باعتبار أكثرهم وأغلبهم لا كلهم، أي ما من نبي باعتبار أكثرهم وأغلبهم لا كلهم، أو بأنه على حذف صفة أي ما من نبي له أتباع، وأجاب الشيخ ابن عرفة بأن ذلك في الأنبياء، وهذا في الرسل، والحواريون جمع حواري قيل: هم خاصة الأنبياء وبطانتهم الذين يطلعونهم على أسرارهم، فعطف الأصحاب عليه من عطف العام على الخاص، وهذا هو الأظهر في معناه، وقيل هم أفضل أصحابهم، وقيل خلطائهم الذين أخلصوا في حب أنبيائهم وخلصوا من كل عيب، ومنه حواري الخبز وهو الخبز الذي خُبز من الدقيق المنخول أي الذي نُخل وصُفي من النخالة، وسُمي الحواري لأنه أشرف الخبز، وقيل هم أنصارهم ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "لكل نبي من أمته حواريون وحواري الزبير" وقيل هم أخلاؤهم، وقيل في حواري عيسى خمسة أقوال، وقيل هم البيض الثياب، وقيل المبيضون لها، وقيل المجاهدون، وقيل الصيادون، وقيل المخلصون، والأصحاب جمع صحب كفرخ وأفراخ قاله الجوهري، وقال غيره أصحاب عند سيبويه جمع صاحب كشاهد وأشهاد، وليس جمع صحب لأن فعلًا لا يجمع على أفعال إلا في ألفاظ معدودة وليس هذا منها، والصحبة الخلطة والملابسة على جهة المحبة، يقال صحبه يصحبه صحبة بالضم وصحابة بالفتح، وقد يُراد به الأصحاب، وجمع الصاحب صحب كراكب وركب، وصُحبة بضم الصاد كفاره وفرهة، وصِحاب بالكسر كجائع وجياع، وصحبان كشاب وشبان.

(يأخذون) ويتمسكون (بسنته) أي بسنة ذلك النبي وشريعته فعلًا وقولًا واعتقادًا (ويقتدون) أي يأتمون (بأمره) ونهيه، أي يتبعون أمره بفعل المأمورات، ونهيه بترك المنهيات، ففي قوله بأمره اكتفاء، وجملة يأخذون ويقتدون صفة لحواريون وأصحاب، ويحتمل أن يكون يأخذون راجعًا للحواريين ويقتدون للأصحاب على سبيل اللف والنشر المرتب، أي حواريون يأخذون ويتخلقون بأخلاق ذلك النبي وصفاته الباطنة وشمائله الظاهرة كالكرم والجود والتواضع والحياء والصبر والحلم مثلًا، وأصحاب يقتدون بأمره

<<  <  ج: ص:  >  >>