للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ .. فَهُوَ مُؤْمِنٌ،

ــ

ونهيه في الأحكام الظاهرة (ثم) أي بعد أولئك الحواريين والأصحاب بمهلة وتراخ، قال الأبي، في العطف، بثم تنبيه على أن تغيير السنن إنما يقع بعد طول زمن، ويحتمل أنها للبعد في الرتبة وضمير (إنها) للقصة وهو الذي يسميه النحويون ضمير القصة والشأن، ومعنى (تَخْلُف) تحدُث وتوجد (من بعدهم) أي من بعد أولئك الحواريين والأصحاب (خلوف) بضم الخاء واللام جمع خَلْف والخلفُ الآتي بعد غيره، وفي لامه الفتح والسكون فهو بالسكون الخالف بشر ومنه قوله تعالى {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} وبالفتح الخالف بخير ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله" أخرجه الخطيب في شرف أصحاب الحديث، والعقيلي في الضعفاء، وحكى الفراء الضبطين في الذم والفتح في المدح لا غير وحكى أبو زيد الضبطين جميعًا فيهما جميعًا، والمعنى ثم يجيء ويأتي بعد أولئك السلف الصالح أقوام لا خلاق لهم في أمر الديانات، بترك المأمورات وفعل المنكرات، وجملة قوله (يقولون) صفة لخلوف على القاعدة المقررة عندهم، أي خلفاء سوء وشر، يقولون ويخبرون الناس (ما لا يفعلون) بأنفسهم أي يأمرون بالمأمورات ولا يفعلون بأنفسهم (ويفعلون) بأنفسهم (ما لا يؤمرون) أي ما لم يؤمروا به من البدع والخرافات والمنكرات، وعبارة المُفْهم هنا قوله (ثم إنها تخلف من بعدهم خُلوف) الرواية إنها بهاء التأنيث فقط، ويعود على الأمة أو على الطائفة التي هي معنى حواريين وأصحاب ويحتمل أن يكون ضمير القصة والخلوف بضم الخاء جمع خلف بفتح الخاء وسكون اللام وهو القرن بعد القرن واللاحق بعد السابق ومنه قوله تعالى {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} [الأعراف: ١٦٩] ويقال فيه خلف بفتح اللام ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله" رواه البيهقي كما في مشكاة المصابيح (٢٤٨) والفاء في قوله (فمن جاهدهم) للإفصاح لأنها أفصحت عن شرط مقدر تقديره إذا عرفت حال أولئك القوم الخُلوف وشرهم وأردت بيان ما هو الواجب على المسلمين في حقهم فأقول لك من جاهدهم، أي من جاهد أولئك الخلوت وقاتلهم (بيده) بإشهار السلاح عليهم وطعنهم وضربهم بها إن احتيج إلى ذلك في إبطال شوكتهم وردهم إلى الحق (فهو) أي فذلك المجاهد بهم بيده (مؤمن) أي كامل الإيمان في باب إظهار الحق وإبطال الباطل، أي ومن جاهدهم

<<  <  ج: ص:  >  >>