بسلاحه وسنانه فهو مؤمن (ومن جاهدهم بلسانه) بتذكيرهم ووعظهم أو بسبهم وهجوهم (فهو مؤمن) أي كامل الإيمان في باب إبطال الباطل وإظهار الحق (ومن جاهدهم بقلبه) بأن كره ما هم عليه بقلبه ولم يرضه (فهو مؤمن) أي كامل الإيمان.
وإن لم يفعل ذلك ولا أنكره بقلبه فقد رضيه، وليس ذلك من الإيمان في شيء كما قال (وليس وراء ذلك) الجهاد بقلبه، والظرف خبر مقدم لليس وقوله (من الإيمان) بيان مقدم لما بعده، وقوله (حبة خردل) اسمها مؤخر أي وليس وزن حبة خردل من الإيمان باقيًا وراء ذلك الجهاد بالقلب، أي ليست مرتبة من مجاهدة أهل الإيمان بهم باقية بعد ذلك الجهاد بالقلب، أي فالكراهة بالقلب نهاية ما يمكن من أهل الإيمان في جهاد من خالفهم من أهل الباطل والضلال والحبة بفتح الباء الموحدة واحد الحبوب، والحبوب للزرع بمنزلة الثمار للشجر والخردل بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة بينهما راء ساكنة، حب معروف من الأبازير له خواص عند أهل الطب، والحاصل أن المجاهدة لهؤلاء الخلوف بواحد من تلك الأسباب واجبة على من قدر عليها، فإن تركها مع القدرة فهو ناقص الإيمان لأنه ترك خصلة من خصال الإيمان إن لم يستحل تركها فإن استحلَّ فقد خرج من الملة فهو كافر.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (١/ ٤٥٨) وانفرد به عن أصحاب الأمهات كما ذكره في التحفة.
(قال أبو رافع) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسند السابق (فحدثت) هذا الحديث الذي سمعته من عبد الله بن مسعود (عبد الله بن عمر) بن الخطاب (فأنكره) أي فأنكر ذلك الحديث عبد الله بن عمر ورده (علي فقدم) وجاء (ابن مسعود) من الكوفة إلى المدينة (فنزل) ابن مسعود (بـ) ـوادي (قناة) بالفتح لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث اللفظي وهو واد من أودية المدينة فيه مال من أموالها، كذا رواه السمرقندي بالقاف، ورواه الجمهور بفنائه بالفاء وبالمد، وبالضمير وهو تصحيف وخطأ، قال النواوي: الفناء في اللغة ما بين أيدي المنازل والدور، وفي اصطلاح الفقهاء هو ما فضل عن المارة من