أي ذكر الحوض (من رسول الله صلى الله عليه وسلم) قط (فلما كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يومًا) أي في يوم كان (من ذلك) اليوم الَّذي كان نوبتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم (والجارية) أي والحال أن جاريتي وأمتي (تمشطني) من باب نصر أي تسرّح لي شعري، والجملة الإسمية حال مقدمة على صاحبها وهو تاء المتكلم من سمعت، والفاء في قوله:(فسمعت) زائدة في جواب لما أي فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم من أيام نوبتي سمعت (رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) على المنبر كما في الرواية الآتية والحال أن الجارية تُسرّح لي شعري (أيها الناس فقلت للجارية: استأخري) أي تأخري (عني) واتركي مشط شعري لأستمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما أمرت الجارية بالكف عن الامتشاط لكي يمكن لها الإصغاء إلى خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (قالت) الجارية: (إنما دعا) رسول الله صلى الله عليه وسلم ونادى (الرجال) بقوله أيها الناس (ولم يدع) لم يناد (النساء) لأن لفظ الناس إنما يُطلق على الرجال فقط (فقلت) للجارية: (إني من الناس) الذين ناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن لفظ الناس يُطلق على النساء كما يُطلق على الرجال فليس خاصًّا بالرجال، قال النووي: لم يختلف في دخول النساء في الخطاب بالناس وإنما اختلف في دخولهن في خطاب المذكور ومذهبنا عدم دخولهن في خطاب المذكور، قال الأبي: وذلك كالخطاب بالمسلمين والمؤمنين، والمختار عدم دخولهن في خطاب المذكور بدليل قوله تعالى:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} إذ لو دخلن لم يحسن العطف ولا يحتج على عدم الدخول بقول الجارية إذ ليست من أهل اللسان العربي اهـ أبي.
وفي قول أم سلمة:(إني من الناس) دلالة على كمال عقل أم سلمة رضي الله تعالى عنها ووفور علمها وفرط اشتياقها إلى استماع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب مطاوعتها لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فإن قوله أيها الناس متضمن للأمر