فيدخلهم الجنّة قبل الناس كلهم كما قد ثبت في الأحاديث، ولا يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم يلازم المقام عند الحوض دائمًا بل يكون عند الحوض تارة وعند الميزان أخرى وعند الصراط أخرى كما قد صح عنه أن رجلًا قال: أين أجدك يا رسول الله يوم القيامة؟ قال:"عند الحوض، فإن لم تجدني فعند الميزان، فإن لم تجدني فعند الصراط، فإني لا أخطئ هذه المواطن الثلاثة" رواه الترمذي [٢٤٣٣] وقال: حسن غريب وكأنه صلى الله عليه وسلم لا يفارق أصحابه ولا أمته في تلك الشدائد سعيًا في تخليصهم منها وشفقة عليهم صلى الله عليه وسلم ولا حال الله بيننا وبينه في تلك المواطن، قوله:(فأضرب بعصاي حتَّى يرفض) بفتح التحتانية لأنه خماسي من باب افعل كأحمر كما مر أي يضرب من أراد من الناس الشرب من الحوض قبل أهل اليمن ويدفعهم عنه حتَّى يصل أهل اليمن فيرفض الحوض عليهم أي يسيل يقال: ارفض الدمع إذا سال اهـ من المفهم.
(فسئل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عرضه) أي عن عرض الحوض ولم أر من ذكر اسم هذا السائل (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل حوضي (من مقامي) هذا بضم الميم إن كان أقام الرباعي وبفتحها إن كان من قام الثلاثي وهو اللازم المتعين هنا كما هو معلوم في التصريف اسم مكان أي من موضع قيامي هذا يعني من المدينة (إلى عثمان) بفتح العين المهملة وتشديد الميم على وزن حسَّان قرية من عمل دمشق وهي من البلقاء، وقد جاء في الترمذي من عدن إلى عثمان البلقاء عاصمة الأردن (وسُئل) رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أر من ذكر هذا السائل أيضًا (عن) صفة (شرابه) أي شراب الحوض (فقال): هو (أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل يغت) أي ينصب (فيه ميزابان يمدانه) أي يكثرانه (من الجنّة أحدهما من ذهب والآخر من ورق) أي من فضة.
قوله:(يغت فيه ميزابان) أي ينصب فيه ميزابان بضم الغين وبالتاء المشددة من باب شد وبكسرها من باب حن أي يدفقان فيه الماء دفقًا متابعًا شديدًا وأصله من اتباع الشيء