فَانطَلَقَ يَأْتِيهِ وَاتَّبَعْتُهُ. فَانتَهَينَا إلى أَبِي سَيفٍ وَهُوَ يَنْفُخُ بِكِيرِهِ. قَدِ امْتَلأَ الْبَيتُ دُخَانًا. فَأسْرعْتُ المَشْيَ بَينَ يَدَي رَسُولِ الله صلى الله عَلَيهِ وَسلَّمَ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَيفٍ، أَمْسِكْ، جَاءَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ. فَأَمْسَكَ. فَدَعَا النبي صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ بِالصَّبِيِّ. فضَمَّهُ إِلَيهِ. وَقَال مَا شَاءَ الله أن يَقُولَ
ــ
في الأبي. قوله أيضًا (ثم دفعه إلى أم سيف) ووقع عند ابن سعد في الطبقات عن عبد الله بن صعصعة بسند فيه الواقدي (لما وُلد إبراهيم تنافست نساء الأنصار أيتهن ترضعه فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم بردة بنت المنذر بن زيد بن لبيد من بني عدي بن النجار، وزوجها البراء بن أوس بن خالد بن الجعد من بني عدي بن النجار أيضًا) وجمع القاضي عياض بين الروايتين بأن أبا سيف كنية البراء بن أوس زوجته خوله بنت المنذر تكنى بأم بردة، وقد أطلق عليها أم سيف في رواية الصحيح ذكره الحافظ في فتح الباري [٣/ ١٧٣]، ثم قال: وما جمع به غير مستبعد إلا أنه لم يأت عن أحد من الأئمة التصريح بأن البراء بن أوس يكنى أبا سيف ولا أن أبا سيف يُسمى البراء بن أوس، وجمع الحافظ في الإصابة [٤/ ٩٩] بطريق آخر فقال: فإن كان ما رواه ثابتًا احتمل أن تكون أم بردة أرضعته ثم تحول إلى أم سيف وإلا فالذي في الصحيح هو المعتمد اهـ منه.
(فانطلق) صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى العوالي حالة كونه يريد أن (يأتيه) ويزوره ولعله صلى الله عليه وسلم اطلع على أنه مريض فأتاه ليستكشف عن حاله (واتبعته) صلى الله عليه وسلم أي صحبته في زيارته (فانتهينا) أي وصلنا أنا والنبي صلى الله عليه وسلم (إلى) بيت (أبي سيف وهو) أي والحال أن أبا سيف (ينفخ) أي يشغل (بكيره) أي بمنفاخه الذي ينفخ به النار و (قد امتلأ البيت دخانًا) أي بخارًا (فأسرعت المشي) أي جريت وسعيت (بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي قدامه (فقلت) لأبي سيف: (يا أبا سيف أمسك) غيرك عن التشغيل والنفخ به في النار فإنه (جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى بيتك لزيارة ولده (فأمسك) أبو سيف غيره عن التشغيل (فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي) أي طلب إحضاره إليه فأخذه (فضمه) أي ضم الصبي (إليه) أي إلى صدره (وقال) النبي صلى الله عليه وسلم: (ما شاء الله أن يقول) ـه من كلام يدل على حزنه وشفقته، قال ثابت البناني: