الفتح [٦/ ٥٧٥](فاحشًا) أي ناطقًا بالفحش وهو الزيادة على الحد في الكلام السيء والمتفحش المتكلّف لذلك أي لم يكن له الفحش خُلُقًا وطبيعة ولا مكتسبًا له اهـ قال الهروي: الفاحش ذو الفحش خِلقة، والمتفحش هو الذي يتكلّف الفحش ويتعمده لإفساد حاله وقد يكون المتفحش الذي يأتي الفاحشة ويفعلها اهـ (وقال) عبد الله بن عمرو: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من خياركم) وأفاضلكم (أحاسنكم أخلاقًا) وسجايا وطبائع، وفيه الحث على حُسن الخُلق وبيان فضيلة صاحبه وهو صفة أنبياء الله تعالى وأوليائه، قال الحسن البصري: حقيقة حُسن الخُلق بذل المعروف وكف الأذى وطلاقة الوجه اهـ نووي (قال عثمان) بن أبي شيبة في روايته (حين قدم) عبد الله (مع معاوية) من الشام (إلى الكوفة).
وعبارة القرطبي هنا: و (الفاحش) هو المجبول على الفحش وهو الجفاء في الأقوال والأفعال، والمتفحش هو المتعاطي لذلك والمستعمل له وقد برأ الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن جميع ذلك ونزّهه فإنه كان رحيمًا رفيقًا لطيفًا سمحًا (سهلًا) متواضعًا طلقًا برًا وصولًا محبوبًا لا تقتحمه عين ولا تمجه نفس ولا يصدر عنه شيء يُكره صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم، وقوله:(إن من خياركم أحاسنكم أخلاقًا) هو جمع أحسن على وزن أفعل التي للتفضيل وهي إن قرنت بـ (من) كانت للمذكر والمؤنث والجمع بلفظ واحد وإن لم تقترن بـ (من) وعرّفتها بالألف واللام ذكرت وأنَّثْتَ وثنَّيتَ وجمعت، وإذا أضيفت ساغ فيها الأمران كما جاء هنا أحاسنكم وكما قال تعالى:{أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا}[الأنعام: ١٢٣] وقد قال تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}[البقرة: ٩٦] وقد روي هذا الحديث "أحسنكم" بالإفراد، والأخلاق جمع خُلق وهي عبارة عن أوصاف الإنسان التي يُعامل بها غيره ويخالطه، وهي منقسمة إلى محمود ومذموم فالمحمود منها صفات الأنبياء والأولياء والفضلاء كالصبر عند المكاره، والحلم عند الجفاء، وتحمّل الأذى والإحسان إلى الناس والتودد لهم، والمسارعة في حوائجهم والرحمة والشفقة واللطف في المجادلة والتثبت في الأمور ومجانبة المفاسد والشرور، وعلى الجملة فاعتدالها أن تكون مع غيرك على نفسك فتنصف منها ولا تنتصف لها؛