عليه وسلم قال) جابر:(نعم) جالسته (كثيرًا) من الزمن فإن شئت أن أخبر لك من آدابه فأقول لك (كان) صلى الله عليه وسلم (لا يقوم) ولا يمشي (من مصلاه) أي من مكان صلاته (الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس) وتشرق ويصح أن يكون كثيرًا ظرفًا لكان تقديره كان كثيرًا من الزمن لا يقوم من مصلاه أي كان في أغلب الأوقات لا يقوم حتى تطلع الشمس .. إلخ (فإذا طلعت) الشمس وأشرقت (قام) من مصلاه ومشى إلى منزله أو إلى حاجته، وفيه استحباب الذكر بعد الصبح وملازمة مجلسها ما لم يكن عذر، قال القاضي: هذه سنة كان السلف وأهل العلم يفعلونها ويقتصرون في ذلك الوقت على الذكر والدعاء حتى تطلع الشمس اهـ نووي (وكانوا) أي وكان أصحابه صلى الله عليه وسلم (يتحدثون) جنبه (فيأخذون) أي فيشرعون ويذكرون في محادثتهم (في أمر الجاهلية) أي في أمورهم وشؤونهم التي مرت عليهم في الجاهلية يعني قبل الإسلام أو يذكرون أمور أهل الجاهلية والأمم السابقة (فيضحكون) من تلك الأمور التي ذكروها إن كانت مما يضحك منه (ويتبسم) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا ذكروا من تلك الأمور وضحكوا، والضحك انكشار الشفتين عن الأسنان واللثات مع إظهار الصوت بلا رفع فإن كان فيه رفع فيُسمى قهقهة والتبسم انكشار الشفة عن الأسنان بلا إظهار صوت أصلًا.
ففيه جواز الحديث بأخبار الجاهلية وغيرها من الأمم وجواز المباح من الكلام وجواز الضحك، وأن التبسمَ هو المستحسنُ منه اللائقُ بأهلِ الفضلِ والسَّمتِ وهو كان أكثر ضحكه في عامة أوقاته صلى الله عليه وسلم ويكره الإكثار من الضحك لأنه يُميت القلب كما قال لقمان، وهو من خُلق أهل البطالة والسّفه اهـ من إكمال المعلم، وهو في أهل المراتب والعلم أقبح والله أعلم نووي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الصلاة باب صلاة الضحى [١٢٩٤]، والترمذي في الصلاة باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس [٥٨٥]، والنسائي في السهو باب قعود الإمام في مصلاه بعد