روى عنه في (١٣) بابا (قال أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (ما شممت) بكسر الميم الأولى على الأشهر، وحكى أبو عبيد وابن السكيت والجوهري وآخرون فتحها أي ما تروحت بأنفي (عنبرًا) طيب معروف (قط) أي في زمن من الأزمنة الماضية (ولا) شممت (مسكًا) طيب يكون من فأرة الغزال (ولا) شممت قط (شيئًا) من أنواع الطيب (أطيب) رائحة (من ريح) أي من طيب رائحة (رسول الله صلى الله عليه وسلم) وفي هذه الأحاديث بيان طيب ريحه صلى الله عليه وسلم وهو مما أكرمه الله تعالى به، قال العلماء: كانت هذه الريح الطيبة صفته صلى الله عليه وسلم وإن لم يمس طيبًا ومع هذا كان يستعمل الطيب في كثير من الأوقات مبالغة في طيب ريحه لملاقاة الملائكة وأخذ الوحي الكريم ومجالسة المسلمين اهـ نووي.
قال القرطبي: قوله: (ما شممت عنبرًا) .. إلخ هذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان طيب الريح وإن لم يتطيب ثم إنه كان يستعمل الطيب ويعجبه رائحته لأنه كان يناجي الملائكة ولأنه مستلذ لحسن الشم كالحلاوة لحسن الذوق ولأنه مقو الدماغ ومحرّك لشهوة الجماع ولأنه مما يرضي الرب سبحانه وتعالى إذا قصد به القربة والتهيؤ للصلاة اهـ من المفهم.
(ولا مسست) أي لمست بفتح السين الأول لأنه من باب شد أي ولا لمست (شيئًا) لينًا (قط ديباجًا) بدل من شيئًا بدل تفصيل من مجمل (ولا حريرًا) ولا خزًّا ولا إبريسمًا ولا قزًا (ألين) أي أنعم (مسًا) ولمسًا (من) جسد (رسول الله صلى الله عليه وسلم) والديباج ما غلظ من الحرير والاستبرق ما رق منه، والحرير عام لهما سُمي حريرًا لأنه يدافع البرودة عند البرد والحرارة عند الحر، وكان مقتضى القياس أن يسمى بريدًا أيضًا ولكن فيه اكتفاء.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ١٠٣]، والبخاري في المناقب باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم [٦٢٨١]، والنسائي في البر والصلة باب ما جاء في خُلق النبي صلى الله عليه وسلم [٢٠١٥].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال: