كونه صلى الله عليه وسلم أزهر اللون فسأله هل كان مثل السيف في البريق واللمعان؟ ويحتمل أن يكون منشأ السؤال ما ورد في بعض روايات أبي هريرة من أنه صلى الله عليه وسلم كان أسيل الخدين أي طويلهما فسأل السائل: هل كان وجهه يشابه السيف؟ (فقال) له جابر: (لا) أي ما كان وجهه مثل السيف (بل كان) وجهه صلى الله عليه وسلم (مثل الشمس والقمر وكان) وجهه (مستديرًا) أي مدورًا مثل الشمس والقمر يعني ما كان يشابه السيف في البريق واللمعان وإنما كان فوق ذلك كالشمس والقمر ولأجل كون التشبيه بالشمس إنما يراد به غالبًا الإشراق والتشبيه بالقمر إنما يراد به الملاحة دون غيرهما أعقبه بقوله: وكان مستديرًا إشارة إلى أنه أراد التشبيه في الصفتين معًا الحسن والاستدارة وهو جواب في غاية البلاغة اهـ من التكملة، قوله:(وكان وجهه مثل السيف) قال القرطبي: يحتمل هذا التشبيه وجهين: أحدهما: أن السيوف كانت عندهم مستحسنة محبوبة يتجملون بها ولا يفارقونها فشبه وجه النبي صلى الله عليه وسلم به لأنه مستحسن محبوب يتجمل به حين المجالسة ولا يُسْتَغْنَى عنه، وثانيهما: أنه كان صلى الله عليه وسلم أزهر صافي البياض يبرق وجهه، وقد رُوي أنه كان يتلألأ وجهه في الجدر ذكره ابن الأثير في النهاية [٤/ ٥٥] فشبه وجهه بالسيف في صفاء بياضه وبروقه والله أعلم، وقوله:(لا بل كان مثل الشمس والقمر) هذا نفي لتشبيه وجهه بالسيف لما في السيف من الطول فقد يحتمل أن وجهه كان طويلًا وإنما كان مستديرًا في تمام الخلق ولأنه تقصير في التشبيه فأضرب عن ذلك وذكر من التشبيه ما هو أوقع وأبلغ فقال: بل مثل الشمس والقمر وهذا التشبيه هو الغاية في الحسن إذ ليس فيما نشاهده من هذا الوجود أحسن ولا أرفع ولا أنفع منهما وهما اللذان جرت عادات الشعراء والبلغاء بأن يُشبهوا بهما ما يستحسنونه اهـ من المفهم (و) سمعت جابرًا يقول أيضًا: (رأيت الخاتم) أي خاتم النبوة (عند كتفه) صلى الله عليه وسلم حالة كون ذلك الخاتم (مثل بيضة الحمامة) أي قدرها حالة كونه (يشبه جسده) الشريف صلى الله عليه وسلم في اللون.
قال القرطبي: قوله: (ورأيت الخاتم) .. إلخ الألف واللام في الخاتم لتعريف العهد أي خاتم النبوة الذي من علاماته المعروفة له في الكتب السابقة وفي صدور علماء