ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه فقال:
٥٩٥٣ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يونس لسفيان بن عيينة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لي أسماء) كثيرة فمنها ما أبيّنها لكم بقولي: (أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر) قال العلماء: المراد محو الكفر من مكة والمدينة وسائر بلاد العرب وما زُوي له صلى الله عليه وسلم من الأرض ووُعد أن يبلغه مُلك أمته اهـ نووي (وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي) بصيغة المثنى المضاف إلى المتكلم، والحاشر اسم فاعل من الحشر، والحشر الجمع أي يُحشرون على قدميّ أي على سابقتي كما قال تعالى:{أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ}[يونس / ٣] أي سابقة خير وإكرام وترجع إلى ما فُسرت به الرواية الأولى أي لا نبي بعدي، وقيل على سنتي، وقيل يحشرون بمشاهدتي من قوله تعالى:{وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُمْ شَهِيدًا} وقيل: يعني على أمامي وقدامي كأنهم يجمعون إليه ويكونون أمامه وخلفه وحوله اهـ من الأبي نقلًا عن القاضي عياض، وقيل بعدي أن يتبعوني إلى يوم القيامة وهذا أشبهها لأنه يكون معناه معنى عقبي لأنه وقع موقعه في تلك الرواية ووجه توسعه فيه كأنه قال: يُحشر الناس على أثر قدمي أي بعدي والله أعلم اهـ من المفهم (وأنا العاقب) أي الآخر في البعث (الذي ليس بعده أحد) من الأنبياء، قال المازري: العاقب آخر الرسل عليهم السلام أي أُرسل عقبهم، قال القاضي عياض: قال ابن العربي: العاقب والعقوب الذي يخلف من كان قبله في الخير، ومنه قولهم عقب الرجل لولده بعده اهـ أبي، وقوله:(وقد سماه الله رؤوفًا رحيمًا) يعني في كتابه العزيز، ذكر البيهقي في الدلائل أنه مدرج من قول الزهري وكأنه أشار إلى ما قاله في آخر سورة التوبة.