عليه وسلم للزبير: اسق يا زبير) قدر الحاجة (ثم أرسل الماء إلى جارك) ليسقي نخله (فغضب الأنصاري) من حكم الرسول صلى الله عليه وسلم للزبير (فقال) الأنصاري: (يا رسول الله) لأجل (أن كان) الزبير (ابن عمتك) صفية بنت عبد المطلب حمت له ولم تأمره بإرسال الماء إليّ (فتلون) أي تغير لون (وجه النبي صلى الله عليه وسلم) من البياض إلى الحمرة لشدة غضبه من مقالته (ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا زبير اسق) نخلك (ثم احبس الماء) تحته (حتى يرجع) أي حتى يجتمع الماء تحت أصل النخل ويملأ شرباته ويرجع (إلى الجدر) والجدر بفتح الجيم وسكون الدال هو ما يوضع حول شربات النخل كالجدار ليجتمع الماء تحته يُجمع على جدور يعني به حتى يصل الماء إلى أصول النخل والشجر وتأخذ منه حقها، والشربة حويض يحفر حول النخلة والشجرة يملأ ماء فيكون ريها، وفي بعض الروايات حتى يبلغ إلى الكعبين يعني به حتى يجتمع الماء في الشربات وهي الحفر التي تحفر تحت أصول النخل والشجر إلى أن يصل من الواقف فيها إلى الكعبين، ورُوي الجدر بكسر الجيم وسكون الدال وهو الجدار ويُجمع على جدر بضمتين ويعني به جدران الشربات فإنها ترفع حتى تكون شبه الجدار وتمنع الماء من السيلان، فإن قلت: كيف حكم النبي صلى الله عليه وسلم للزبير في حالة غضبه وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا يقضي القاضي وهو غضبان"(قلت): إن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ في كل من حالتي الغضب والرضا وليس كغيره، وعبارة القرطبي هنا والجواب عن هذا الإيراد بأن هذا النهي معلل بما يخاف على القاضي من التشويش المؤدي به إلى الخطأ في الحكم والغلط فيه والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ في التبليغ والأحكام بدليل العقل الدال على صدقه فيما يبلّغه عن الله تعالى وفي أحكامه ولذلك قالوا: أنكتب عنك في الرضا والغضب؟ قال:"نعم" رواه أحمد [٢/ ١٦٢ و ١٩٢] فدل ذلك على أن المراد بالحديث أعني قوله: "لا يقضي القاضي .. " إلخ من يجوز عليه الخطأ من القضاة فلم يدخل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك العموم اهـ من المفهم.