بابا (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة قتادة لمن روى عن أنس (أن الناس سألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة) أي حتى أكثروها عليه وبالغوا فيها، يقال: أحفى في السؤال وألحف وألح بمعنى واحد أي بالغ فيه وأكثر منه (فخرج) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذات يوم) أي، يوما من الأيام من منزله إلى المسجد (فصعد المنبر فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس: (سلوني) اليوم عما شئتم فوالله (لا تسأوني عن شيء إلا بينته) وأجبته (لكم) في مقامي هذا (فلما سمع ذلك) مفعول مقدم (القوم) فاعل أي فلما سمع القوم الحاضرون ذلك الكلام منه صلى الله عليه وسلم يعني قوله: سلوني (أرموا) أي أرم القوم وسكتوا عن الكلام والسؤال، وهو بفتح الهمزة والراء والميم المشددة وأصله من المرمة وهي الشفة أي ضموا شفاههم بعضها على بعض فلم يتكلموا ومنه رمت الشاة الحشيش ضمته بشفتيها اهـ نووي (ورهبوا) أي خافوا (أن يكون) سؤالهم (بين يدي أمر) أي بين قدام عذاب (قد حضر) وقرب نزوله بهم بسبب غضبه صلى الله عليه وسلم بإكثارهم في السؤال يعني أنهم خافوا أن يكون سؤالهم سببا لنزول أمر مكروه والله أعلم (قال أنس) بالسند السابق: (فجعلت) أي شرعت ألتفت يمينا وشمالا لأنظر سبب مرمتهم وسكوتهم عن السؤال (فإذا) الفاء عاطفة هاذا فجائية (كل رجل) من الحاضرين وهو مبتدأ خبره (لاف) أي غاط (رأصه في ثوبه) حالة كونه (يبكي) خوفا من نزول العذاب بهم بسبب غضبه صلى الله عليه وسلم والتقدير فجعلت ألتفت وأنظر يمينا وشمالا ففجأني لف كل رجل رأسه في ثوبه، حالة كونه يبكي خوفا من العذاب (فأنشأ) الكلام وابتدأ به (رجل من) أهل (المسجد كان) ذلك الرجل (يلاحى) أي يعاب ويطعن في نسبه (فيدعى) أي ينسب (لغير أبيه) الحقيقي الذي أولده، من الملاحاة وهي المخاصمة والمسابة