الله عليه وسلم:(فذهب) موسى - عليه السلام - (مرة) أي يومًا أي قصد أن (يغتسل فوضع ثوبه على حجر) قرب الماء (ففر) أي شرد (الحجر بثوبه) إلى مجتمع بني إسرائيل (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فجمح موسى) أي ذهب (بأثره) أي بأثر الحجر أي خلفه ليأخذ منه ثوبه أي أسرع في مشيه خلف الحجر ليأخذ ثوبه منه إسراعًا بليغًا، قال القرطبي: والجموح من الخيل هو الذي يركب رأسه في إسراعه لا يرده لحام ولا يثنيه شيء وهو عيب فيها، وإنما أطلق على إسراع موسى خلف الحجر جماحًا لأنه اشتد خلفه اشتدادًا لا يثنيه شيء عن أخذ ثوبه وهو مع ذلك (يقول) وينادي بقوله: أعطني (ثوبي) يا (حجر) أعطني (ثوبي) يا (حجر) كرره استعظامًا لكشف عورته فسبقه الحجر إلى أن وصل إلى بني إسرائيل فنظروا إلى موسى وكذبهم الله في قولهم وقامت حجته عليهم اهـ من المفهم، قال القرطبي: ثوبي منصوب بفعل محذوف، وحجر منادى مفرد لأنه نكرة مقصودة كقوله: يا رجل إذا قصدت معينًا حُذف منه حرف النداء وتقدير الكلام أعطني ثوبي يا حجر أو اترك ثوبي يا حجر فحُذف الفعل لدلالة الحال عليه، وحُذف حرف النداء هنا استعجالًا للمنادى وقد جاء في كلام العرب حذف حرف النداء مع النكرة المقصودة كما قالوا:(اطرق كرا فإن النعامة في القرى) وقوله: (واقتد مخنوق) وهو قليل، وإنما نادى موسى - عليه السلام - الحجر نداء من يعقل لأنه صدر عن الحجر فعل من يعقل.
وقد بسطنا الكلام على أمثال هذا في حاشيتنا رفع الحجاب على كشف النقاب مع إعرابها وفي وضع موسى ثوبه على الحجر ودخوله في الماء عريانًا دليل على جواز ذلك وهو مذهب الجمهور ومنعه ابن أبي ليلى واحتج بحديث لم يصح وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تدخلوا الماء إلا بمئزر فإن للماء عامرًا" ذكره الزبيدي في الإتحاف [٢/ ٤٠١] وهو ضعيف ومخالف كما قال العراقي لما ذهب إليه الأئمة الأربعة وجمهور العلماء من السلف والخلف من جواز كشف العورة في الخلوة في حالة الاغتسال مع إمكان التستر.
حتى وصل الحجر إلى مجمع بني إسرائيل فوقف عندهم (حتى نظرت بنو إسرائيل