للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد أشكل على بعض الناس أن دار أبي بكر الصديق كانت بسنح كما جاء في قصه وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث يدل على أن داره كانت ملاصقة للمسجد النبوي.

والجواب عنه أنه كان له منزلان ومنزلة بالسنح كان لأصهاره من الأنصار، وقد ذكر عمر بن شبة في أخبار المدينة أن دار أبي بكر الملاصقة للمسجد لم تزل بيد أبي بكر حتى احتاج إلى شيء يعطيه لبعض من وفد عليه فباعها فاشترتها منه حفصة أم المؤمنين بأربعة آلاف درهم فلم تزل بيدها إلى أن أرادوا توسيع المسجد في خلافة عثمان رضي الله عنه فطلبوها منها ليوسعوا بها المسجد فامتنعت وقالت: كيف بطريقي إلى المسجد؟ فقيل لها: نعطيك دارًا أوسع منها، ونجعل لك طريقًا مثلها فسلمت ورضيت اهـ فتح الباري [٧/ ١٤].

قال القرطبي: ومعنى هذا الحديث أن أبا بكر رضي الله عنه كان قد تأهل لأن يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم خليلًا لولا المانع الذي منع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه لما امتلأ قلبه بما تخلله من معرفة الله تعالى ومحبته ومراقبته حتى كأنه مزجت أجزاء قلبه بذلك لم يتسع قلبه لخليل آخر يكون كذلك فيه، وعلى هذا فلا يكون الخليل إلا واحدًا ومن لم ينته إلى ذلك ممن تعلق القلب به فهو حبيب، ولذلك أثبت لأبي بكر وعائشة رضي الله عنهما أنهما أحب الناس إليه ونفى عنهما الخلة، وعلى هذا فالخلة فوق المحبة، وقد اختلف أرباب القلوب في ذلك فذهب الجمهور إلى أن الخلة أعلى تمسكًا بما ذكرناه وهو متمسك قوي ظاهر، وذهب أبو بكر بن فورك- وهو محمد بن الحسن بن فورك الشافعي الواعظ- إلى أن المحبة أعلى، واستدل على ذلك بأن الاسم الخاص بمحمد صلى الله عليه وسلم الحبيب، وبإبراهيم الخليل، ودرجة نبينا صلى الله عليه وسلم أوفع، فالمحبة أرفع اهـ من المفهم.

قوله: (ولكن أخوة الإسلام) وفي رواية (لكنه أخي وصاحبي وقد اتخذ الله صاحبكم -يعني نفسه- خليلًا) والخلة في اللغة المودة البالغة، وقيل أصل الخلة انقطاع إلى خليله بحيث لا يسع قلبه غيره، ومعنى الحديث أن حب الله تعالى لم يدع في قلبه موضعًا لخلة غيره، ولو كان هناك مجال لأن يكون أحد خليله صلى الله عليه وسلم لكان

<<  <  ج: ص:  >  >>