لهم من الفضل الجميل الحسن، وقد تقدم ذلك في الزكاة، وقد ذكر الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه عليها ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله تعالى بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد كما نفعني مال أبي بكر" رواه الترمذي [٣٦٦١] وذكر الحديث وقال: هو حسن غريب اهـ من المفهم.
(ولو كنت متخذًا) من الناس (خليلًا لاتخدت) منهم (أبا بكر خليلًا) وقوله: (متخذًا) اسم فاعل من اتخذ الخماسي من باب افتعل وهو فعل يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف الجر، ويكون بمعنى اختار واصطفى كقوله تعالى:{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا} إلخ وقد سكت هنا عن أحد مفعوليها وهو الذي دخل عليه حرف الجر كما قدرناه في حلنا ومحل بسط الكلام في علم النحو قال ابن فرشته: الأوجه هنا أن يقال إنه من الخلة وهي الصداقة المتخللة في قلب المحب الداعية إلى إطلاع المحبوب على سره؛ يعني لو جاز لي أن أتخذ صديقًا من الخلق يقف على سري لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن لا يطلع على سري إلا الله، ووجه تخصيصه بذلك أن أبا بكر كان أقرب سرًّا من سر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن أبا بكر لم يفضل عليكم بصوم ولا صلاة ولكن بشيء كتب في قلبه" (ولكن أخوة الإسلام) والدين باقية مستمرة بيننا فهي كافية فالخبر محذوف كما قدرناه (لا تبقين) بصيغة المبني للمجهول نهيًا مؤكدًا مشددًا، وفي نسخة بفتح أوله، والمعنى لا تتركن (في) هذا (المسجد خوخة) إلا سدت (إلا خوخة أبي بكر) الصديق رضي الله عنه، والخوخة بفتح الخاء وهو الباب الصغير بين البيتين أو الدارين ونحوه، وكان الناس قد فتحوا من بيوتهم خوخات إلى المسجد النبوي ليسهل عليهم دخول المسجد كلما شاؤوا فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسد هذه الخوخات كلها إلا خوخة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد ذكر الحافظ في الفتح أن ذلك كان في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر جماعة من العلماء أن ذلك كان إشارة لاستخلاف أبي بكر رضي الله عنه.