(يجري) أثره (في أظفاري ثم أعطيت فضلي) أي ما فضل مني من اللبن (عمر بن الخطاب قالوا: فما أولت) به (ذلك) المنام (يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولته (العلم).
قوله:(حتى إني لأرى الري) يجوز فتح همزة إني على أن حتى جارة وكسرها على أنها ابتدائية، والري بكسر الراء وتشديد الياء مصدر روي يروي من باب رضي بمعنى السقي وضد العطش، ورؤية الري على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية كأنه لما جعل الري جسمًا أضاف إليه ما هو من خواص الجسم؛ وهو كونه مرئيًا، وعبر بالرأي بصيغة المضارع مع كونه حكاية لواقعة ماضية لاستحضار صورتها في الحال (قوله: العلم) ووجه التعبير بذلك نظرًا لاشتراك اللبن والعلم في كثرة النفع وكونهما سببًا للصلاح فاللبن للغذاء البدني، والعلم للغذاء الروحاني، قال الحافظ في الفتح [٧/ ٤٦] والمراد بالعلم هنا العلم بسياسة الناس بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واختص عمر بذلك لطول مدة خلافته بالنسبة إلى أبي بكر، وباتفاق الناس على طاعته بالنسبة إلى عثمان اهـ.
قال القرطبي: وتأويله صلى الله عليه وسلم اللبن بالعلم تأويل حسن ظاهر المناسبة، وذلك أن اللبن غذاء مستطاب به صلاح الأبدان ونموها من أول فطرتها ونشؤها خال عن الأضرار والمفاسد، والعلم كذلك يحصل به صلاح الأديان والأبدان ومنافع الدنيا والآخرة مع استطابته في نفسه، وقد يدل في التعبير على دوام الحياة إذ به كانت، وقد يدل على الثواب لأنه مذكور في أنهار الجنة الأربعة اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٨٣] والبخاري في مواضع كثيرة منها في مناقب عمر [٣٦٨١] والترمذي في الرؤيا باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم اللبن والقمص [٢٢٨٤].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال: