ضحكت لأني (عجبت) أي تعجبت (من هولاء) النسوة (اللاتي كن عندي فـ) إنهن (لما سمعن صوتك) عند استئذانك (ابتدرن الحجاب) أي سارعن إلى الدخول في الحجاب والستارة فـ (قال عمر: فانت يا رسول الله أحق) وأحرى بـ (أن يهبن) ويخفن منك لا مني لأنك رسول الله يجب على كل الأمة توقيرك واحترامك، وقولك:(يهبن) هو من هاب يهاب مثل خاف يخاف وزنًا ومعنى، قال في المرقاة: يقال: هبت الرجل بكسر الهاء إذا وقرته وعظمته من الهيبة اهـ (ثم قال عمر) رضي الله عنه لتلك النسوة: (أي) حرف نداء لنداء القريب؛ أي يا (عدوات أنفسهن أتهبنني) أتوقرنني وتخفنني (ولا تهبن) أي والحال أنكن لا توقرن ولا تخفن (رسول الله صلى الله عليه وسلم) فتوقيره صلى الله عليه وسلم هو الواجب عليكن لا توقيري (قلن) تلك النسوة في جواب استفهام عمر (نعم) نهابك ولا نهاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنك (أنت أغلظ) القلب وأصلبه (وأفظ) اللسان وأشده (من رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال القاضي عياض: هما أي قولهن أغلظ وأفظ بمعنى واحد كناية عن شدة الخلق وخشونة الجانب، وقيل: الغلظة في القلب، والفظاظة في اللسان بخشونة الكلام كما أشرنا إليه في الحل، وليست أفعل هنا للمفاضلة بل معنى أنت فظ غليظ، وقد تكون للمفاضلة والذي في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك هو ما كان في ذات الله من إغلاظه على الكفار والمنافقين كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيهِمْ} ولذا كان يغضب عند انتهاك حرمات الله تعالى، قال الأبي: يعني أنهن لم يردن أن عند عمر مزيد فظاظة وغلظة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يقتضيه أفعل بل كان صلى الله عليه وسلم رحيمًا رؤوفًا، قال القاضي: وفي الحديث أن لين الجانب أفضل لأنه خلقه صلى الله عليه وسلم اهـ من الأبي. فـ (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لعمر: (والذي نفسي بيده) المقدسة (ما لقيك الشيطان قط) أي في زمن من الأزمنة الماضية، حالة كونك