عنه أشار بقول هذا أن فعله حادث لاحق وقضاء ربه قديم سابق اهـ مرقاة. قال الحافظ العسقلاني: ليس في تخصيص الثلاث ما ينفي الزيادة لأنه حصلت له الموافقة في أشياء؛ من مشهورها قصة أسارى بدر، وقصة الصلاة على المنافقين وهما في الصحيح، وأكثر ما وقفنا عليها منها بالتعيين خمسة عشر قال صاحب الرياض: منها تسع لفظيات، وأربع معنويات، واثنتان في التورية، فإن أردت تفصيلها فراجعها اهـ.
وقوله:(في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر) بدل من ثلاث، بدل تفصيل من مجمل وموافقته لربه في الأول من الثلاث أن وقع في قلبه أن مقام إبراهيم - عليه السلام - محل شرفه الله تعالى وكرمه بأن قام فيه إبراهيم للدعاء والصلوات وجعل فيه آيات بينات وغفر لمن قام فيه الخطيئات وأجاب فيه الدعوات، فقال: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} وموافقته في الثاني منها أنه وقع في قلبه شرف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلو مناصبهن وعظيم حرمتهن وأن الذي يناسب حالهن أن يحتجبن عن الأجانب فإن اطلاعهم عليهن ابتذال لهن ونقص من حرمة النبي صلى الله عليه وسلم وحرمتهن فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: احجب نساءك فإنهن يراهن البر والفاجر. فنزلت آية الحجاب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} وقد استوفينا الكلام على هذا في النكاح، وموافقته في الثالث منها أنه وقع في قلبه قتل أسارى بدر وأشار على النبي صلى الله عليه وسلم به وأشار عليه أبو بكر بالإبقاء والفداء فمال النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما قال أبو بكر رضي الله عنه فأنزل الله تعالى القرآن على نحو ما وقع لعمر رضي الله عنه يعني في قوله تعالى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} الآية، فوافق القرآن ما وقع لعمر في الأمور الثلاثة فكان ذلك دليلًا قاطعًا على أنه محدث بالحق ملهم لوجه الصواب.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في التفسير باب قوله تعالى:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[٤٤٨٣].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى عاشرًا لحديث ابن عباس بحديث آخر لابن عمر رضي الله تعالى عنهم أجمعين فقال: