والفكر فيه يقال: جعلته من بالي وفكري وهو المعبر عنه في الرواية الأخرى بقولها: "لم أرك فزعت له" أي لم تقبل عليه ولم تتفرغ له اهـ من المفهم (قلت): والصواب أنه من المبالاة لأنه من باب فاعل المعتل بالياء كوالي يوالي موالاة وهو مجزوم بحذف الياء، والمبالاة: الاهتمام والاعتناء بالشيء وعدم المبالاة به عدم الاعتناء والاهتمام والاكتراث به (ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عثمان فجلست) لدخوله (وسويت) أي رجعت عليك (ثيابك) فلم فعلت ذلك فيهم من عدم الاهتمام بدخول الشيخين والاعتناء بدخول عثمان (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالي عن ذلك لأن عثمان حيي أستحيي منه (إلا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة) الكرام؛ أي حياء التوقير والإجلال وتلك منقبة عظيمة وخصوصية شريفة لعثمان ليست لغيره أعرض قتلة عثمان عنها ولم يعرجوا عليها.
وفي الحديث دليل على جواز معاشرة كل واحد من الأصحاب بحسب حاله ألا ترى انبساطه واسترساله مع العمرين على الحالة التي كان عليها مع أهله لم يغير منها شيئًا ثم إنه لما دخل عثمان غير تلك الحال التي كان عليها أولًا فغطى فخذيه وتهيأ له، ثم لما سئل عن ذلك قال: إن عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلى حاجته اهـ من المفهم.
وهذا الحديث انفرد به المؤلف عن أصحاب الأمهات ولكنه شاركه أحمد [٦/ ١٥٥ و ١٦٧].
قوله:(إلا أستحي من رجل تستحي) هكذا هو في الرواية أستحي بياء واحدة في كل واحد منهما، قال أهل اللغة: يقال: استحيا يستحيي بيائين واستحى يستحي بياء واحدة لغتان الأول أفصح وأشهر وبها جاء القرآن اهـ نووي.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث آخر لها ولعثمان بن عفان رضي الله عنهما فقال:
٦٠٥٥ - (٢٣٨١)(١٣٦)(حدثنا عبد الملك بن شعيب بن اللبث بن سعد) الفهمي