ورعا زاهدا، وكان ثوري المذهب، سمع أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة
الثاني أن (جلود) بالضم جمع جلد والعرب إذا نسبت إلى الجمع ردته إلى الواحد، فوقع في ذهن بعضهم أن هذه الصورة (جلود) لا توجد إلا على وجهين الأول بالفتح رسم القرية والثاني بالضم جمع جلد، وعلى هذا فهذه الصورة (الجلودي) لا تكون نسبة إلى الجمع لأنه لا يصح جمعا وإنما تكون نسبة إلى القرية إذا فكلما وجدت هذه النسبة مستعملة لشخص فهي إلى القرية فهي بالفتح. فيقال لهم قد نص أهل العربية على أن الجمع إذا صار علما أو كالعلم نسب إلى لفظه كأنصارى وعبادي ونحو هما، وقد يسمى بلفظ «جلود) شخص أو موضع فيكون مفردا فينسب إليه بلفظه، وقد تنسب العامة إلى لفظ جمع بدون مسوغ ثم يشيع ذلك وينتشر فلا يرى أهل العلم بدا من قبوله ومن تتبع هذا الكتاب وجد كثيرا من ذلك. وسيأتي قريبا ذكر أبى سالم الجلودي البغدادي ابن أخي محمد بن حماد الدباغ. فأما الحجة على أن نسبة أبى أحمد هي (الجلودي) بالضم فالنقل المتواتر حتى قال النووي في شرح مسلم «بضم الجيم بلا خلاف» وصرح غير واحد بأن من فتح إنما استند إلى الحكاية عن يعقوب وابن قتيبة فتوهم أن ما عليه الناس من الضم خطأ. بقي أن يقال إلى ما ذا نسب أبو أحمد؟ ففي التوضيح عن كتاب الصارم الهندي لأبى الخطاب بن دحية «كان يحكم في الدار التي تباع فيها الجلود للسلطان» وابن دحية ربما جازف، ولم يذكروا أن أبا أحمد ولى الحكم بل ذكروا كما يأتي ما يبعد ذلك. وقال ابن الصلاح ونقله النووي في شرح مسلم «عندي أنه منسوب إلى سكة الجلوديين بنيسابور الدراسة» وجزم به التبصير قال «الحق أن راوي مسلم منسوب إلى سكة الجلود بنيسابور فهو بالضم واللَّه أعلم» وأراه مبنيا على الحدس كسابقه فابن دحية رأى بصر دارا تسمى دار الجلود فقال ما قال، وابن الصلاح رأى أن كل بلد عظيم لا بدّ أن تكون فيه سكة لمن تختص صناعته بالجلود فقال ما قال، وقوله «سكة الجلوديين» قد يشعر بأن كلا منهم جلودي بصرف النظر عن النسبة إلى السكة، لكن حرفة أبى أحمد هي الوراقة كما يأتي فاللَّه أعلم وأياما كان فهو (الجلودي) بالضم.