الحمد للَّه الّذي فتح أبواب الرغائب، ومنح أسباب المواهب، زين الدنيا بمتاعها، ثم زهد فيها بانقطاعها، لا فرار منه لخائف، ولا قرار عنه لعارف، نحمده ونؤمله تأميلا، ونسأله ونتخذه وكيلا، ولا نبتغي عن طاعته مميلا، ولا نهتدي إلى غيره سبيلا، ونصلي على محمد عبده ورسوله المبعوث وغصن الدين يابس، ورسم اليقين دارس، فعاد به عود الدين أخضر ناضرا، ووجه اليقين أزهر زاهرا، صلى اللَّه عليه وعلى آله وأصحابه الذين ازداد بهم الحق إشراقا، والخير انتظاما واتساقا، وسلم تسليما كثيرا [كثيرا (١)].
أما بعد فان اللَّه ﷿ وعلا اختار محمدا ﷺ من عباده، واستخلصه لنفسه من بلاده، فبعثه إلى خلقه بالحق بشيرا، ومن النار لمن راغ عن سبيله نذيرا، ليدعو الخلق من عبادة عباده إلى عبادته، ومن اتباع السبل إلى لزوم طاعته، [ثم (١)] لم يجعل الفزع عند وقوع كل حادثة، ولا الهرب عند وجود كل نازلة، إلا إلى النبي ﷺ، فسنته الفاصلة بين المتنازعين، وآثاره القاطعة بين الخصمين، وشرف شريعته وعظمها، ورفع خطرها على ما سواها من الملل وكرمها، وقيض لها من