المذهب أبو القاسم أحمد بن منصور السمعاني، كان اماما فاضلا عالما مناظرا مفتيا واعظا مليح الوعظ شاعرا حسن الشعر، له فضائل جمة ومناقب كثيرة، وكان حييا وقورا ثابتا حمولا صبورا. تفقه على والدي - رحمهما اللَّه - وأخذ عنه العلم وخلفه بعده فيما كان مفوضا اليه، سمع بمرو أخاه - والدي - وأبا محمد كامكار بن عبد الرزاق الأديب وأبا نصر محمد ابن محمد بن محمد الماهاني وطبقتهم، انتخبت عليه أوراقا وقرأت عليه عن شيوخه وخرجت معه إلى سرخس وانصرفنا إلى مرو وخرجنا في شوال سنة تسع وعشرين إلى نيسابور وكان خروجه بسببي لأني رغبت في الرحلة لسماع حديث مسلم بن الحجاج القشيري فسمع معي الصحيح وعزم على الرجوع إلى الوطن وتأخرت عنه مختفيا لأقيم بنيسابور بعد خروجه فصبر إلى أن ظهرت ورجعت معه إلى طوس وانصرفت باذنه إلى نيسابور ورجع هو إلى مرو وأقمت انا بنيسابور سنة وخرجت منها إلى أصبهان ولم أره بعد ذلك، وكانت ولادته في سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وتوفى في الثالث والعشرين من شوال سنة اربع وثلاثين وخمسمائة. وصل إلى نعيه وأنا ببغداد وعقدنا له العزاء بها وأمة اللَّه حرة أختي، امرأة صالحة عفيفة كثيرة الدرس للقرآن مديمة للصوم راغبة في الخير وأعمال البر، حصل لها والدي الإجازة عن أبي غالب محمد بن الحسن الباقلاني البغدادي، قرأت عليها أحاديث وحكايات بإجازتها عنه. وكانت ولادتها في رجب من سنة احدى وتسعين وأربعمائة.
فهذه الجماعة الذين حدثوا من بيتنا - واللَّه تعالى يرحمهم».