الشريف حسبا ونسبا، والجليل همة وقولا وفعلا وسلفا وخلفا، وما أعلمني رأيت في العلوية وغيرهم من مشايخ الإسلام له شبيها ومثلا ونظيرا وقرينا جلالة ومنظرا وعقلا وكمالا وثباتا وبيانا وميلا إلى الحديث وأهله ونشر محاسن الخلفاء والمهاجرين والأنصار وذبّا عنهم وإنكارا للوقيعة فيهم. قال الحاكم: وسمعته وجرى بحضرته ذكر يزيد بن معاوية فقال:
أنا لا أكفر يزيد
لقول رسول اللَّه ﷺ: إني سألت اللَّه أن لا يسلط على أمتي أحدا من غيرهم فأعطاني ذلك.
ثم قال الحاكم: ورد أبو يعلى نيسابور سنة ثلاثين وثلاثمائة وكان يركب بالليل إلى المشايخ يسمع ونزل بنيسابور إلى سنة سبع وثلاثين ثم خرج إلى الري واجتمع الناس على أن يريدوه على البيعة فأبى عليهم، وكان هذا عند متوجه أبى علي بن أبي بكر بن أبي المظفر أبى الجيش إلى الري فقبض عليه أبو علي وبعث به إلى بخارى وقال: هذا الشريف ينبغي أن يكون بتلك الحضرة فإنه باب الفتنة، وقبح صورته وسلمه من تركي جاف جلف فحمله إلى نيسابور من حيث لا يعلم به أحد، فراسل أبو يعلى أبا بكر بن إسحاق وقال:
قد بلغ من حالي مع هذا التركي أنه لا يمكنني من التطهير في أوقات الصلاة، فركب الشيخ بنفسه إلى ذلك التركي ووعظه في أمره فقال: قد تبت إلى اللَّه ولا أعود، فزاره الشيخ ثم أخرج إلى بخارى، وهذا في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة فخرج وبقي ببخارى مدة، ثم استأذن في الرجوع إلى وطنه بنيسابور، فأذن له فيه، فانصرف إلينا سنة أربعين فحينئذ أدمنا الاختلاف إليه إلى وقت وفاته بنيسابور، وتوفى للنصف من رجب من سنة ست وأربعين وثلاثمائة، وحمل تابوته على البغال إلى قزوين وشهدت