للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عيسى بن أبان بن صدقة القاضي، من أهل بغداد (١)، صحب محمد بن الحسن الشيباني وتفقه به، واستخلفه يحيى بن أكثم على القضاء بعسكر المهدي وقت خروج يحيى بن أكثم مع المأمون إلى فم الصلح، فلم يزل على عمله إلى أن رجع يحيى، ثم تولى عيسى القضاء بالبصرة، فلم يزل عليه حتى مات، وقد أسند الحديث عن إسماعيل بن جعفر وهشيم بن بشر ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ومحمد بن الحسن وغيرهم، روى عنه الحسن بن سلام السواق، قال محمد بن سماعة: كان عيسى بن أبان حسن الوجه، وكان يصلى معنا، وكنت أدعوه أن يأتي محمد بن الحسن فيقول:

هؤلاء قوم يخالفون الحديث! وكان عيسى حسن الحفظ للحديث، فصلى معنا يوما الصبح، وكان يوم مجلس محمد، فلم أفارقه حتى جلس في المجلس، فلما فرغ محمد أدنيته إليه وقلت: هذا ابن أخيك أبان بن صدقة الكاتب ومعه ذكاء ومعرفة بالحديث، وأنا أدعوه إليك فيأبى ويقول أنا نخالف الحديث! فأقبل عليه وقال له: يا بنى! ما الّذي رأيتنا نخالفه من الحديث؟ لا تشهد علينا حتى تسمع منا! فسأله يومئذ عن خمسة وعشرين بابا من الحديث، فجعل محمد بن الحسن يجيبه عنها ويخبره بما فيها من المنسوخ، ويأتي بالشواهد والدلائل، فالتفت إليّ بعد ما خرجنا فقال: كان بيني وبين النور ستر فارتفع عنى، ما ظننت أن في ملك اللَّه مثل هذا الرجل يظهره للناس، ولزم محمد بن الحسن لزوما شديدا حتى تفقه. قال أبو خازم القاضي: ما رأيت لأهل بغداد حدثا أزكى من عيسى ابن أبان وبشر بن الوليد، وقال أبو خازم: كان عيسى رجلا سخيا جدا،


(١) أورد أبو سعد ترجمته هاهنا ناقلا من الخطيب في تاريخ بغداد ١١/ ١٥٧ وما بعدها.