ومتكلمها حضر بعض مجالس النظر مع أصحاب له إذ أقبل القاضي أبو بكر الأشعري فالتفت ابن المعلم إلى أصحابه وقال لهم: قد جاءكم الشيطان، فسمع القاضي كلامه وكان بعيدا من القوم، فلما جلس اقبل على ابن المعلم وأصحابه وقال لهم قال اللَّه تعالى أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (١) اى ان كنت شيطانا فأنتم كفار وقد أرسلت إليكم، وكان الملك عضد الدولة بعث القاضي أبا بكر الباقلاني في رسالة إلى ملك الروم، فلما ورد مدينته أخبر الملك بتبحره في العلم فعلم الملك انه لا يخدمه إذا دخل عليه ولا ينحنى له فأمر الملك ان يوضع سريره في موضع وجعل للموضع في مقابله بابا لطيفا صغيرا يحتاج الداخل فيه إلى الانحناء، فلما وصل القاضي أبو بكر إلى الباب فكر فعرف القصة فأدار وجهه عن الباب ودخله معكوسا وجعل ظهره في ناحية الملك فوقعت الهيبة للملك،/ وكان ورده كل ليلة عشرين ترويحة ما تركها في حضر ولا سفر، قال وكان كل ليلة إذا صلى العشاء وقضى ورده وضع الدواة بين يديه وكتب خمسا وثلاثين ورقة نصفا من حفظه، وكان يذكر ان كتبه بالمداد أسهل عليه من الكتب بالحبر فإذا صلى الفجر دفع إلى بعض أصحابه ما صنفه في ليله فأمره بقراءته عليه وأملى عليه الزيادات فيه، وكان أبو بكر الخوارزمي يقول: كل مصنف انما ينقل من كتب الناس إلى تصنيفه سوى القاضي أبى بكر فان صدره يحوى علمه وعلم الناس، وكان أبو محمد البافي يقول: لو أوصى رجل بثلث ماله ان يدفع إلى أفصح الناس لوجب ان يدفع إلى أبى بكر الأشعري. ومات ببغداد لسبع يقين من ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة،