وركبت حمارا أخرته خلف القطارات فإذا انا بأعرابي فلما انتهيت اليه قال:
يا هذا! لمن هذه القباب والكنائس؟ قلت: لرجل من باهلة، قال: ما ظننت ان اللَّه يعطى باهليا كل ما أرى، قال: فلما رأيت ازراءه بباهلة قلت: يا أعرابي! أيسرك انك باهلي وأن هذه القطارات بمن عليها لك؟ قال: لاها اللَّه، قلت: أفيسرك أنك خليفة وأنك باهلي؟ قال: لا ها اللَّه، فقلت: فيسرك انك من أهل الجنة وأنك باهلي؟ قال: بشرط، قلت وما ذاك الشرط؟ قال:
لا يعلم أهل الجنة انى من باهلة، قال: فأعجبني ظرفه وكانت معي صرة من دراهم فقلت: يا أعرابي هذه لك، فقال: جزاك اللَّه خيرا لقد وافقت منى حاجة، قال فقلت له: هذه القطارات لي وأنا رجل من باهلة، قال: فنثر الصرة، قلت: ويحك! هي لك وقد ذكرت حاجة، قال: ما أحبّ ان القى اللَّه ولباهلى عندي يد، قال سعيد: فحدثت به أمير المؤمنين هارون فقال:
يا سعيد! أنت اصبر الناس، وأمر لي بمائة ألف درهم.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ببغداد أنا أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء أنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن سويد المعدل أنا أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي حدثني يحيى الأحول قال قال أبو الصلت: روى لنا انه حمل إلى أمير المؤمنين مال من مال المومسات فقال: واللَّه! ما أدرى اين أضع هذا المال الا ان افرقه في غنى وباهلة. وقال أبو الصلت: وروى لنا ان أمير المؤمنين خطب فقال في خطبته: يا معاشر بنى أسد! اغدوا على اعطياتكم فخذوها فو اللَّه ان نساءكم أسرع إلى الخير من رجالكم، يا معاشر غنى وباهلة! اغدوا على اعطياتكم فخذوها فانى شاهد لكم غدا في المقام المحمود انكم